🇨🇳 الصــين تقدير موقف

ثمّة حاجة إلى “الصدق”.. رغم محاولات الولايات المتحدة لدفع العلاقات مع الصين

تواصل الصين والولايات المتحدة الحفاظ على حشد مشاركة رفيعة المستوى، حيث كشفت وزيرة التجارة الأمريكية، جينا ريموندو، عن خططها لزيارة الصين، “في وقت لاحق هذا الصيف”.. حسبما ذكرت وسائل الإعلام، عقب الزيارات المتتالية التي قام بها مسؤولون أمريكيون رفيعو المستوى إلى بكين، مع ذلك، قال خبراء إن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين، واصل تشويه صورة الصين خلال رحلته الأخيرة إلى المحيط الهادئ، حتى في الوقت الذي شدد فيه على أهمية إدارة العلاقات الأمريكية الصينية بطريقة مسؤولة، مما يعكس ازدواجية سياسة واشنطن تجاه الصين. 

على الرغم من أن استئناف التبادلات رفيعة المستوى قد ساعد في إعادة بعض التعاون بين البلدين في مجالات؛ مثل تغير المناخ وربما مكافحة المخدرات، قال الخبراء إن زيارة ريموندو يمكن أن تكون “محكًا حقيقيًا”؛ لمعرفة ما إذا كان هناك أي تخفيف جوهري للتوترات أو أن المسؤولين الأمريكيين لا يفعلون شيئَا سوى “التشدق” بالعلاقات الثنائية المتوترة.

وقد حذر بعض الخبراء من مرور البلدين في الوقت الحالي بمرحلة حرجة في إدارة خلافاتهما، حيث توجد تحديات كبيرة يجب مواجهتها في حالة منع العلاقات الثنائية من التدهور؛ نظرًا لأن الولايات المتحدة قد تتخذ خطوات غير ودية بل وخطيرة لتدمير العلاقات، خاصة عندما تظل المنافسة الدعامة الأساسية لسياسة الولايات المتحدة تجاه الصين، حيث يُنظر إلى العوامل المحلية؛ مثل هيمنة الجمهوريين في الكونجرس الأمريكي وموسم الحملة الانتخابية المقبل، على أنها أكبر العقبات أمام مرونة إدارة بايدن في سياستها تجاه الصين. 

مخاوف من تغير سياسة الصين الخارجية

تعهد بلينكين بتكثيف الدعم لدول جزر المحيط الهادئ خلال زيارته إلى نوكوالوفا، تونغا يوم الأربعاء. وهو أول وزير خارجية أمريكي يقوم بزيارة رسمية لتونجا، كما أثار تحذيرًا بشأن المساعدات من الصين، واصفًا ما يسمى بعسكرة بحر الصين الجنوبي و”الإكراه الاقتصادي” بأنه سلوك إشكالي، وفقا لتقارير وسائل الإعلام. 

وقال لي هايدونغ، الأستاذ في جامعة الشؤون الخارجية الصينية، لصحيفة جلوبال تايمز يوم الأربعاء، إن الولايات المتحدة، من خلال الادعاء بأنها قادرة على إدارة الخلافات مع الصين بشكل فعال، تحاول إرباك دول المحيط الهادئ وإظهار صورة سيئة للصين، وتقويض أسس التعاون الثنائي و”زرع بذور” عدم الثقة بشأن الصين في المنطقة. 

وكانت قد أصدرت أعلى هيئة تشريعية في الصين قرارًا بإقالة تشين قانغ من منصب وزير الخارجية، وتعيين الدبلوماسي الكبير وانغ يي وزيرا للخارجية، بعدها تعهد كل من بلينكين ووزارة الخارجية الأمريكية بمواصلة التواصل مع الجانب الصيني. 

وفي تحليله للقرار يقول لو شيانغ، زميل باحث في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، “إن قرار أعلى هيئة تشريعية بشأن وزير الخارجية لا يعني أي تغيير في السياسة الخارجية”، مُضيفًا “كانت سياسة الصين تجاه الولايات المتحدة متسقة؛ لأننا نسعى دائمًا إلى إقامة علاقات بناءة ومستقرة مع الولايات المتحدة”، بحسب ما ذكر لصحيفة جلوبال تايمز يوم الأربعاء، وقال إنه ينظر إلى الانتقادات الأخيرة التي وجهها بلينكين للصين على أنها تعكس الازدواجية الطويلة في سياسة الولايات المتحدة تجاه الصين. 

وأشار لو أن الولايات المتحدة كانت تسعى للتعاون مع الصين أثناء احتواء الصين، لكنها تدرك الآن أنه يتعين عليها إجراء بعض التعديلات، وإلا فإن الاحتواء المكثف قد يؤدي إلى عواقب أكثر خطورة، وذكر الباحث الأكاديمي إلى أن استقرار العلاقات وإجراء تحسينات حقيقية سيعتمد على مدى صدق الولايات المتحدة.  

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، يوم الأربعاء إن الأنشطة الدبلوماسية الصينية تم دفعها إلى الأمام بشكل مطرد عندما سُئل عن تغيير وزير الخارجية. 

وقال ماو إنه بالنسبة للعلاقات الصينية الأمريكية، دأبت الصين على النظر إلى العلاقات وتطويرها وفقًا للمبادئ الثلاثة للاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المربح للجانبين، والحفاظ على الاتصالات بشأن الحوار والتبادلات على جميع المستويات. 

كيف يُمكن أن تُظهر الولايات المتحدة صدقها؟ 

وفيما يتعلق بزيارة ريموندو المخطط لها، قال لو إنه سيكون من المهم معرفة ما إذا كانت الولايات المتحدة ستتخذ خطوات ملموسة، وأضاف قائلًا “إن الزيارة، إذا حدثت، يمكن أن تكون محكًا لمعرفة ما إذا كانت التوترات بين الصين والولايات المتحدة يمكن أن تخفف حقًا، حيث أن وزارة التجارة لا تشمل التجارة والتعريفات الجمركية فحسب، بل تشمل أيضًا القيود التقنية”. 

واستطرد بقوله “قبل سنوات، اقترحت أن إدارة بايدن بحاجة إلى إظهار صدقها من خلال اتخاذ إجراءات، على سبيل المثال من خلال إلغاء الرسوم الجمركية الإضافية على السلع الصينية، يجب أن تكون هناك خطوات ملموسة، وبذلك سنعرف مدى ضآلة صدقها في تحسين العلاقات”، قال الخبير. 

العقبات الداخلية 

بينما تسعى إدارة بايدن إلى الحفاظ على حوار رفيع المستوى مع بكين، أرفق مجلس الشيوخ الأمريكي إجراء بمشروع قانون السياسة الدفاعية السنوي يوم الثلاثاء من شأنه أن يُخضع بعض الاستثمارات الأمريكية في الصين لمتطلبات جديدة، حسبما ذكرت وسائل إعلام أمريكية. 

وقالت شركة بلومبرج إن الإجراء، الذي تمت الموافقة عليه يوم الثلاثاء، سيتطلب من الشركات إخطار الحكومة بشأن استثمارات معينة في الصين ودول أخرى مثيرة للقلق، على الرغم من أنها لن تخضع للمراجعة أو الحظر المحتمل، وينصب تركيز مشروع القانون على الاستثمار في قطاعات التكنولوجيا الفائقة، مثل أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية، فضلاً عن الاتصالات التي تفوق سرعة الصوت والاتصالات عبر الأقمار الصناعية.

كما أقر مجلس النواب الأمريكي، يوم الثلاثاء، تشريعًا يعارض جهود البر الرئيسي الصيني لتقويض جزيرة تايوان في المنظمات الدولية، وفقا لتقارير إعلامية. 

في حين أن التعاون بشأن تغير المناخ ومكافحة المخدرات يمكن أن يضخ بعض اليقين في استقرار العلاقات الصينية الأمريكية، فإن أي تعاون مستدام يمكن أن تواجهه العوامل السياسية المحلية في الولايات المتحدة، حسبما قال الخبراء. 

وفي رأي لي إنه من غير المرجح أن تجري إدارة بايدن أي تعديل كبير على سياستها تجاه الصين، بالنظر إلى أنها تفتقر إلى المرونة بينما تواجه العديد من القيود في السياسة الداخلية، وقال “بالنظر إلى تأثير الكونجرس في سياسة الولايات المتحدة تجاه الصين، فإن اللهجة السائدة للمنافسة تجاه الصين ستصبح أكثر وضوحًا بسبب العقبات الداخلية”.