يُعقد لأول مرة منذ عام 2020 حوار يضم ممثلين أستراليين عن القطاعات الصناعية والوكالات الحكومية والأوساط الأكاديمية ووسائل الإعلام مع نظرائهم الصينيين، وذلك لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والتبادلات الشعبية مع الصين.
شدد المراقبون على أهمية الحوار رفيع المستوى الأول، بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على تعليق الحدث السنوي بسبب التوترات الثنائية المتزايدة، حيث من المتوقع أن يعالج الحوار رفيع المستوى سوء الفهم وإيجاد أرضية مشتركة.
ذكرت وزيرة الخارجية الأسترالية بيني وونغ، وفقًا للبيان الإعلامي الصادر عن مكتبها يوم السبت، أن “هذه هي المرة الأولى التي يُعقد فيها الحوار منذ أوائل عام 2020، ويمثل خطوة أخرى نحو زيادة المشاركة الثنائية وتحقيق الاستقرار في علاقتنا مع الصين”.
أعلن البيان الإعلامي أن الحوار الأسترالي الصيني الرفيع المستوى السابع سيعقد في بكين في 7 سبتمبر، مما يوفر منصة لكبار الممثلين من الصناعة والحكومة والأوساط الأكاديمية والإعلام والفنون لتبادل وجهات النظر عبر نطاق العلاقة الثنائية.
مساحة لمناقشات بناءة بعد سلسلة توترات
يعد الحوار فرصة لإجراء مناقشات بناءة حول مجموعة من القضايا؛ بما في ذلك التجارة والاستثمار والروابط الشعبية والأمن الإقليمي والدولي، حسبما جاء في البيان الإعلامي. سيشارك وزير التجارة السابق كريج إيمرسون في رئاسة الحوار بصفته رئيسًا للوفد الأسترالي. وأيضًا، مما يعكس دعم الحزبين للحوار، ستشارك وزيرة الخارجية السابقة جولي بيشوب كمندوب ورئيسة الجلسة.
وسيشارك لي تشاو شينغ، وزير الخارجية الصيني السابق والرئيس الفخري لمعهد الشعب الصيني للشؤون الخارجية، في رئاسة الوفد الصيني وقيادته، وفقًا للبيان الإعلامي.
خلفية رحلة الوفد الأسترالي هي استئناف الاتصالات السياسية والعسكرية رفيعة المستوى بين الصين والولايات المتحدة مؤخرًا، بالإضافة إلى أنه من المقرر أيضًا أن يجتمع الرئيس الأمريكي جو بايدن مع القادة الصينيين، مما دفع أستراليا إلى تعديل سياساتها تجاه الصين بشكل أكبر، بحسب ما قال يو لي، كبير باحثي مركز أبحاث دول جزر المحيط الهادئ بجامعة لياوتشنغ، لصحيفة جلوبال تايمز يوم الأحد.
تصاعدت التوترات بين الشريكين التجاريين الرئيسيين في عام 2020 عندما تبنت الإدارة الليبرالية الأسترالية السابقة موقفًا متشددًا مناهضًا للصين، ودعت إلى إجراء ما يسمى بالتحقيق في أصول وباء كوفيد-19.
منذ أن تولت إدارة حزب العمال مهامها في مايو 2022، ورفعت الصين في أغسطس التعريفات الجمركية على صادرات الشعير الأسترالية، شهدت العلاقات الثنائية زخمًا تصاعديًا.
ومع ذلك، لا يزال هناك سوء تفاهم بين البلدين في مختلف المجالات، مما قد يؤدي إلى حسابات خاطئة في صنع السياسات، وقال تشن هونغ، رئيس الجمعية الصينية للدراسات الأسترالية ومدير مركز الدراسات الأسترالية بجامعة شرق الصين العادية، إنه من المتوقع أن يجد هذا الحوار حلولًا لبعض القضايا الخلافية.
وأضاف تشن أن العلاقات الاقتصادية والتجارية الدافئة، باعتبارها الأساس والداعم للعلاقات الصينية الأسترالية، ستؤدي بالتأكيد إلى تحسن العلاقات الصينية الأسترالية.
وفي رأي يو أن تحسين العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الصين أمر ملح بالنسبة لأستراليا، حيث تواجه الأخيرة تحديات اقتصادية وأسعار مرتفعة، كما أنها حريصة على الوصول إلى السوق الصينية والسلع الصينية.
بيدق مهم
قال يو إن أستراليا ترغب في التعاون في مجالات الطاقة الجديدة على وجه التحديد، بما أن الصين حققت تقدمًا كبيرًا في مجالات الطاقة الجديدة والمواد الجديدة.
وأشار يو إلى أن الهدف الآخر للزيارة هو تعزيز التبادلات الشعبية. في السنوات الأخيرة، أدى تدهور العلاقات إلى انخفاض آراء الشعب الصيني الإيجابية تجاه أستراليا، مما أدى إلى انخفاض عدد السياح الصينيين والطلاب الدوليين الذين يذهبون إلى أستراليا، مما أدى إلى تأثير سلبي على الشركات والجامعات الأسترالية.
ومع ذلك، قال يو إنه في المجال الأمني، لا تزال أستراليا تأمل في التحالف مع الولايات المتحدة والحفاظ على الوضع الراهن للصين، فيما يتعلق بمسألة تايوان وبحر الصين الجنوبي.
ومرددًا ذلك، قال تشن إن أستراليا كانت بيدقًا مهمًا في “استراتيجية المحيطين الهندي والهادئ” الأمريكية، وقد حافظت الدولة الواقعة في المحيط الهادئ إلى حد كبير على موقف مماثل للولايات المتحدة خاصة فيما يتعلق بالسياسة تجاه الصين، وأشار تشن إلى أن التغييرات في العلاقات الصينية الأسترالية ستتأثر بالتأكيد بالتحالف الاستراتيجي بين أستراليا والولايات المتحدة.
ومع ذلك، شدد على أنه يتعين على الصين إدراك أن أستراليا ليست على استعداد لأن تصبح مجرد أداة أو حتى سلاح في يد الولايات المتحدة للحفاظ على وضع “الأخ الأكبر” المهيمن، وعليها أيضًا حماية مصالحها الوطنية، وختم تشن حديثه بأن الأمر يتوقف على مدى حكمة ودبلوماسية السياسيين الأستراليين، قائلًا “سنرى”.