أخبار 🇨🇳 الصــين

إيطاليا والصين.. علاقات ثنائية على شفا “الانسحاب”

قال مسؤول إيطالي إن التجارة بين بلده والصين لم تُلبّ التوقعات، وذلك قبيل زيارة وزير الخارجية الإيطالية أنطونيو تاجاني للصين، فسر التصريح وسائل الإعلام الغربية كتلميح على استعداد إيطاليا الانسحاب من التعاون في مبادرة الحزام والطريق. 

ومن المقرر أن يقوم تاجاني بزيارة رسمية للصين، في الفترة من الأحد إلى الثلاثاء، وهو ما يُنظر إليه على أنه ترحيب بالتعاون والحوار مع الصين، في الوقت نفسه يرى بعض الخبراء الصينيين أن انسحاب روما المحتمل وآثاره السلبية يُمكن التحكم بها عبر المناقشات من الجانبين. 

ونُقل عن المسؤول قوله في تقرير صادر عن  المنتدى الاقتصادي لمجلس النواب الأوروبي “أمبروسيتي”، إن تاجاني قال للمنتدى إن إيطاليا تريد مواصلة العمل بشكل وثيق مع الصين، ولكن “يجب علينا أيضًا معرفة تحليل الخبراء، فمبادرة الحزام والطريق لم تسفر عن النتائج التي كنا نأمل فيها”، بحسب ما نقلت وكالة فرانس برس. 

وفي مقابلة مع بلومبرج، قال نائب رئيس الوزراء الإيطالي، جيورجيا ميلوني إن اتفاقية التعاون في مبادرة الحزام والطريق “كانت قرارًا تم اتخاذه في الماضي”، مُضيفًا أنه بغض النظر عما ستقرره إيطاليا بشأن الاتفاقية، “فلن تكون رسالة ضد الصين”. 

مأزق صعب

تضع إيطاليا نفسها في مأزق صعب، بحسب ما يرى بعض الخبراء الصينيين، فمن ناحية تواجه ضغوطًا متزايدة من الحلفاء الغربيين بقيادة الولايات المتحدة، كما أن صراعها السياسي الداخلي جعل من اتفاقية مبادرة الحزام والطريق التي اقترحتها الصين هدفًا رئيسيًا، بينما من ناحية أخرى، تأمل في الحفاظ على فوائد التعاون مع الصين. من خلال الحفاظ على قنوات الحوار المفتوحة. 

في الوقت نفسه لا يزال يأمل الخبراء في زيارة تاجاني إلى الصين خيرًا، فمن المفترض أن توفر الزيارة فرصة كافية للجانبين للنظر بشكل مُوسّع لما يحمله التعاون في مبادرة الحزام والطريق للعلاقات الثنائية، ومعرفة التأثيرات الرئيسية التي ستكون عليها. 

وعرض المسؤول الإيطالي عددًا كبيرًا من البيانات التجارية، قائلًا إن الصادرات الإيطالية إلى الصين في عام 2022 بلغت قيمتها 16.5 مليار يورو (17.8 مليار دولار)، في حين كانت الأرقام الخاصة بفرنسا وألمانيا أعلى بكثير عند 23 مليار و107 مليار يورو على التوالي، وفقًا لـ “رويترز”. 

العودة إلى الغرب 

يُعلّق تسو هونغ جيان، مدير قسم الدراسات الأوروبية في المعهد الصيني للدراسات الدولية، قائلًا “إلى حد ما، تريد إدارة ميلوني الآن استخدام ما يسمى بالانسحاب من اتفاقية مبادرة الحزام والطريق كدليل على عودتها إلى السياسة الغربية السائدة، ومن الواضح أن هناك تأثيرًا وضغطًا سياسيًا كبيرًا من الولايات المتحدة ودول غربية أخرى”.

يرى تسوي أن الأزمة ليست مشكلة تتحملها الحكومة الصينية، بل إيطاليا التي يحاول وزير خارجيتها البحث عن مخرج في الوقت الحالي -بحسب تسوي-، ويعتقد مدير قسم الدراسات الأوروبية أن الحكومة الإيطالية ستُجري تعديلات على سياسة مبادرة الحزام والطريق في المستقبل.

الضجيج ليس جديدًا 

تجديد مبادرة الحزام والطريق ليس أمرًا حديثًا، بحسب حديث الخبراء، فالأمر آخذ في الازدياد منذ تغيير السلطة في عام 2022، مع شغل جورجيا ميلوني منصب رئيسة الوزراء في أكتوبر من العام الماضي، ومع وصولها إلى الحكومة هيمن حزب “إخوان إيطاليا” الذي تتزعمه ميلوني، ويتبع الحزب التيار الشعبوي اليميني المتطرف.

ومؤخرًا، أضاف جويدو كروسيتو، وزير الدفاع الإيطالي، إلى الضجة الأخيرة بأن هذه الدولة العضو في مجموعة السبع وحلف شمال الأطلسي قد تخرج من مبادرة الحزام والطريق، واصفًا قرار الانضمام إلى الإطار بأنه “مرتجل وفظيع”.

ميلوني ذكرت مسألة مبادرة الحزام والطريق خلال زيارتها الأخيرة للولايات المتحدة، وناقشت الأمر برفقة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، ووفقَا لتقارير وسائل الإعلام، فإن  نهج واشنطن لم يكن إملاء سياسة إيطاليا تجاه الصين.

وفي حين أنه من المقرر تجديد اتفاقية مبادرة الحزام والطريق تلقائيًا في مارس/آذار 2024، فقد أثارت إيطاليا بعض الضجيج حول قرارها المحتمل، لكنها تؤكد على أنها لن تزعج الصين، وهو ما يعد إجراءً متوازنًا، كما يقول وانغ ييوي، مدير معهد الشؤون الدولية بجامعة رنمين الصينية، لصحيفة جلوبال تايمز يوم الأحد. 

وقال وانغ “قد يكون هناك بعض التأثير إذا قررت الحكومة الإيطالية عدم تجديد الاتفاقية، على سبيل المثال، لن يكون هناك نفس ضمان الاستثمار وفرصة وضع قواعد الاستثمار لمبادرة الحزام والطريق إذا انسحبت”، مُضيفًا “لكن هذه التأثيرات لن تشكل انتكاسة أساسية [للعلاقات الصينية الإيطالية]”.

ويغطي الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الصين وإيطاليا في إطار مبادرة الحزام والطريق الاستثمار والبنية التحتية والتكنولوجيا والتجارة وجوانب أخرى، وقال السفير الصيني لدى إيطاليا، جيا جايد، لصحيفة جلوبال تايمز في مقابلة سابقة إنه بموجب اتفاقية مبادرة الحزام والطريق، حقق التعاون العملي في مختلف المجالات فوائد ملموسة وآثار إيجابية لكلا البلدين وشعبيهما.

زيارات متتالية 

 أصبح تاجاني رابع مسؤول كبير من دولة من مجموعة السبع يزور الصين خلال أسبوع، بعد زيارات وزيرة التجارة الأمريكية، جينا رايموندو، ووزير البيئة الكندي، ستيفن جيلبولت، ووزير الخارجية البريطاني، جيمس كليفرلي.

وعلى الرغم من المسار الإيجابي الذي اتخذته زيارة رايموندو إلى الصين، إلا أن بعض الخبراء شددوا على ضرورة بقاء بكين حذرة بشأن التطور المستقبلي للعلاقات الصينية الأمريكية، وأشاروا إلى أن الدول الغربية الكبرى مثل كندا والمملكة المتحدة تتفق مع الولايات المتحدة بشأن قضايا واسعة النطاق، وفي الوقت نفسه لا تزال إمكانية التعاون مع الصين، خاصة في القطاعين الاقتصادي والتجاري، بارزة أيضًا. 

وقال وانغ إن “سياسات تلك الدول تجاه الصين تأثرت بشكل كبير بواشنطن، وطالما تحسنت العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، فإن علاقاتها مع الصين ستظهر علامات إيجابية”، مُشيرًا إلى أن بعض الدول الغربية مثل إيطاليا بحاجة إلى مواصلة التعاون مع الصين لتعزيز تعافيها الاقتصادي. 

في مؤتمر صحفي قال وانغ ون بين، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، إن الصين وإيطاليا شريكان استراتيجيان شاملان، مؤكدًا على أن العلاقات الصينية الإيطالية جزء لا يتجزأ من العلاقات الصينية الأوروبية، وقال المتحدث “إن الصين مستعدة للعمل مع إيطاليا لاغتنام هذه الزيارة كفرصة لمواصلة تنفيذ التفاهمات المشتركة الهامة بين قادة البلدين، وتعزيز الثقة السياسية المتبادلة، وتعميق التعاون العملي”.