🇨🇳 الصــين

الصينيون يتشبثون بذاكرتهم احتفالًا بشهداء حرب المقاومة ضد اليابان

أقام الصينيون مراسم لإحياء ذكرى شهداء حرب المقاومة ضد العدوان الياباني  (1931-1945)، حيث يحل يوم الأحد الذكرى الـ78 للانتصار، وخلال الاحتفالات علّق خبراء بأن بقايا النزعة العسكرية التي تسببت في الحرب العالمية الثانية لا تزال قائمة.

وأشار الخبراء إلى انحراف اليابان بشكل حاد عن طريق التنمية السلمية في السنوات الأخيرة، مُحذّرين من الاتجاه الخطير لحشدها العسكري في منطقة المحيطين الهندي والهادئ

كانت حرب الصين ضد اليابان أطول وأكبر وأغلى حرب تحرير وطني خاضها الشعب الصيني، ضد المعتدين الأجانب في التاريخ الحديث، وكان هذا أيضًا أول نصر كامل يحققه الشعب الصيني في نضاله من أجل التحرير الوطني.

وأكد المشاركون في ندوة عقدت في بكين، وحضرها نحو 200 مسئول، أن الانتصار العظيم في الحرب كان بمثابة انتصار كامل في الحرب العالمية ضد الفاشية، وأعاد ترسيخ الصين كدولة كبرى في العالم، وأكسب الشعب الصيني احترام جميع الشعوب المحبة للسلام في جميع أنحاء العالم، وكان من بين الحاضرين لي شو لي، عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ورئيس إدارة الدعاية باللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني.

كيف تحتفظ الأمة بذاكرتها؟

ضمن مراسم الاحتفال بهذه الذكرى، أقام متحف حرب مقاومة الشعب الصيني ضد العدوان الياباني سلسلة من المعارض التي توضح كيف أخذت الصين زمام المبادرة في التقدم للحرب ضد الفاشية، وكسرت مؤامرة ألمانيا واليابان لتقسيم العالم، والتحول إلى ركيزة أساسية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

واحد من المعارض كان عبارة عن معرض للصور الفوتوغرافية لجين-تشا-جي (شانشي-تشار-خبي)، وهو أول مطبوعة شاملة أسسها الحزب الشيوعي الصيني في يوليو 1942.

عرض المعرض كتابات ني رونغ تشن، قائد منطقة جين تشا جي العسكرية، في العدد الافتتاحي، الذي قال: “هذه الصور تحكي لمواطنينا كيف دافعوا بحزم وشجاعة عن وطنهم الأم. كما تحكي ما فعله الناس الصالحين للعالم وكيف قاوموا الغزاة اليابانيين وسط صعوبات ومشقة كبيرة!”.

يعد معرض صور منطقة “جين تشا جي” تراثًا ثقافيًا ثمينًا للأمة الصينية، وعُرض نحو 100 وثيقة بصرية، تم جمعها من أحفاد المصورين، وتُقدّم للمرة الأولى “مما يجعل المعرض الأكثر شمولًا وتحديدًا وحيوية”، بحسب ما قال المتحف لجلوبال تايمز. 

أحد مراسم الاحتفال أيضًا كانت في نانجينغ، عاصمة مقاطعة جيانغسو، حيث تجمع أحفاد الناجين من مذبحة نانجينغ وممثلي جيش التحرير الشعبي الصيني، وممثلي الشباب في القاعة التذكارية لضحايا مذبحة نانجينغ على يد الغزاة اليابانيين يوم الأحد، وقفوا أمام الجدار الحديدي الأحمر في ساحة القاعة التذكارية، والذي يرمز إلى النصر العظيم الذي حققه الشعب الصيني، ناظرين إلى أسماء نحو 300 شهيد نُقشت على جدران من الجرانيت الأسود المحيط بالساحة، وفي الساعة 9:30 صباحًا، ارتفع البوق نحو الشمس ونفخ “بوق النصر”، الذي تردد صدى صوته المدوي في السماء.

وفي جيوجيانغ بمقاطعة جيانغشي شرقي الصين، أشاد المجندون الجدد الذين تطوعوا للانضمام إلى جيش التحرير الشعبي بالشهداء، وفي الوقت نفسه، في منطقة القاعدة الثورية القديمة في تشانغتشي بمقاطعة شانشي شمالي الصين، قدمت مجموعة من طلاب المدارس المتوسطة سلال الزهور للأبطال الثوريين في النصب التذكاري للتعبير عن تعازيهم.

بقايا النزعة العسكرية لم تختفي

وقال ليو جيانج يونج، نائب عميد معهد العلاقات الدولية الحديثة بجامعة تسينغهوا، لصحيفة جلوبال تايمز يوم الأحد، إن هذه الفترة من التاريخ يجب أن يتذكرها المجتمع الدولي دائمًا، حيث أن لها أهمية عملية كبيرة في التعامل مع العلاقات الدولية الحالية.

وأضاف ليو أنه يتعين على العالم أن يكون في حالة تأهب تحسبًا لاحتمال قيام عدد قليل من الدول ببدء حروب جديدة من أجل السيطرة على العالم من خلال القوة العسكرية “إن بقايا النزعة العسكرية التي تسببت في الحرب العالمية الثانية لم تختف تمامًا، وهذا يستحق اهتمامًا خاصًا عندما نحيي هذا النصر”.

وأشار الخبير إلى اليابان، التي أصدرت استراتيجية جديدة للأمن القومي في عام 2022، والتي وصفت فيها الصين بأنها “التحدي الاستراتيجي الأكبر”، وذكر ليو أن هذا يشير إلى أن اليابان اتخذت منعطفًا حادًا عن طريق التنمية السلمية في فترة ما بعد الحرب “وعلى هذه الخلفية، يتعين على الناس أن يكونوا يقظين بشأن السياسة التي تنتهجها اليابان في التعامل مع الصين، فضلًا عن الاتجاه الخطير المتمثل في حشد قواتها العسكرية في شرق آسيا”. 

أوبنهايمر في دور السينما

قبل أيام قليلة من الذكرى السنوية، أوبنهايمر، فيلم الإثارة والسيرة الذاتية الملحمي، ظهر لأول مرة في دور السينما في البر الرئيسي الصيني. وقالت إحدى سكان بكين ولقبها تشين، والتي شاهدت الفيلم، لصحيفة جلوبال تايمز يوم الأحد إنها تأثرت بشدة بالكيفية التي غيرت بها الحرب حياة الناس وعقولهم ووجهات نظرهم، خاصة بعد أن تركت التفجيرات الذرية أحد أهم العلماء وأكثرهم إثارة للجدل في القرن العشرين بقايا حطام.

وقالت: “لقد قادت الحروب العالمية القوى الكبرى إلى سباق تسلح، كما أدى التطور السريع للأسلحة النووية من قبل مختلف البلدان إلى خطر إلحاق ضرر نووي بالبشرية، ويبدو أن هذا أحد التناقضات التي جلبتها الحرب”، مُضيفة “لا ينبغي أن تحدث حرب عالمية مرة أخرى أبدًا”.