حُكم على جون شينج وان ليونج بالسجن مدى الحياة بتهمة التجسس، بسبب القيام بأنشطة تجسس لصالح الولايات المتحدة تحت ستار الأعمال الخيرية، على مدار أكثر من 30 عامًا، وبسبب الحكم سيُحرم ليونج من حقوقه السياسية مدى الحياة، وسيُصادر من أصوله الشخصية نحو 500 ألف يوان (71800 دولار).
بدأت قصة ليونج، المولود عام 1945 في هونج كونج، منذ ذهابه إلى الولايات المتحدة لإدارة مطعم في عام 1983، وفي عام 1986 اتصل عملاء من وكالات المخابرات الأمريكية بشكل متكرر بليونج، وذلك بحسب بيان وزارة أمن الدولة، وقام العملاء بتعريف أنفسهم صراحة وطلبوا التعاون معه، وفي عام 1989، وقعت وكالات الاستخبارات الأمريكية رسميًا “اتفاقية تعاون” مع ليونج، لتجنيده كمخبر، حيث اتفقوا على وسيلة اتصال سرية ووعدوه بدفع مبلغ 1000 دولار شهريًا، مع مكافآت إضافية بناءً على أدائه، وفي نفس العام، حصل ليونج على الجنسية الأمريكية.
ومن أجل تشكيل الصورة الاجتماعية لليونج، بذل الجانب الأمريكي جهودًا كبيرة لخلق “شخصية” له – فقد اختلقوا خلفيته، زاعمين أنه درس في إحدى جامعات المملكة المتحدة، وعمل كموظف في الأمم المتحدة، وخدم في حرب فيتنام كما طلبوا منه التبرع بالمال لمشرعي الولاية الأمريكية من أجل تلميع صورته.
علاوة على ذلك، ومن أجل تعزيز نفوذ ليونج بين الجاليات الصينية في الخارج، قدم الجانب الأمريكي أيضًا التمويل، وتم تكليفه بتولي مناصب مثل الرئيس، والرئيس الفخري، ورئيس العديد من منظمات الجالية الصينية من خلال التبرعات وغيرها من الوسائل، ولزيادة ظهور ليونج في الصين، كلفته وكالة تجسس أمريكية بتقديم تبرعات خيرية، محاولين خلق صورة زائفة عنه باعتباره “فاعل خير وطني”.
عمليات تحريضية تصل إلى نصب فخاخ جنسية
تحت هذه الذريعة، أجرى ليونج أنشطة تجسس واسعة النطاق. على سبيل المثال، من خلال تنظيم أنشطة الجالية الصينية في الخارج، تواصل ليونج مع المؤسسات الدبلوماسية الصينية والموظفين في الولايات المتحدة، وراقب المواطنين الصينيين والصينيين المغتربين في الولايات المتحدة، وأبلغ وكالات الاستخبارات الأمريكية من خلال الهواتف ورسائل البريد الإلكتروني المخصصة، وفقًا لبيان وزارة أمن الدولة الصينية.
وفقًا لإصدار وزارة أمن الدولة الصينية، كلما علم ليونج بسفر موظفين صينيين إلى الولايات المتحدة للقيام بأعمال رسمية، كان يبلغ وكالات التجسس الأمريكية، ويتبع التعليمات لنقلهم إلى المطاعم أو الفنادق المثبتة مسبقًا بأجهزة مراقبة للحصول على معلومات استخباراتية، حتى أنه قام بنصب فخاخ جنسية في محاولة لإكراه الموظفين الصينيين والتحريض عليهم على الانشقاق.
كما تبين أن ليونج يتعاون مع جهود الولايات المتحدة لتنفيذ عمليات يبتز فيها الأفراد المستهدفين، وأصدر الجانب الأمريكي تعليماته إلى ليونج للقائهم في مواقع محددة، وإغرائهم بالانخراط في معاملات حساسة، وجمع “أدلة” لتلفيق ما يسمى بقضايا التجسس الصينية.
وتحت قيادة العديد من جواسيس الولايات المتحدة، جمع ليونج كمية كبيرة من المعلومات الاستخبارية المتعلقة بالصين، حتى أنه حصل على ميدالية جديرة بالتقدير من قبل وكالة المخابرات الأمريكية.
وفي عام 2020، عندما تم تعليق الرحلات الجوية الدولية بسبب تفشي وباء كوفيد-19، أصدرت وكالات الاستخبارات الأمريكية، الحريصة على الحصول على معلومات استخباراتية صينية، تعليمات لليونج البالغ من العمر 75 عامًا بدخول البر الرئيسي الصيني، وفي نهاية عام 2020، استخدم ليونج وثائق هوية متعددة للعبور عبر منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة، ووصل إلى البر الرئيسي الصيني، ثم شارك بشكل متكرر في العديد من الأنشطة الاجتماعية، واتصل على نطاق واسع بالأفراد من جميع مناحي الحياة في الصين، بينما كان يسعى لجمع المعلومات الاستخبارية.
واتخذت سلطات أمن الدولة في سوتشو بمقاطعة جيانغسو شرقي الصين، إجراءات إلزامية ضد ليونج في أبريل 2021 للاشتباه في قيامه بالتجسس.
أشارت هيئة الأمن القومي الصينية في بيان صدر يوم الاثنين إلى أنه وفقًا للقانون الجنائي الصيني، يمكن الحكم على الأفراد الذين ينظمون أو يشاركون في أنشطة تجسس، ويعرضون الأمن القومي للخطر، بالسجن لمدة تتراوح بين 10 سنوات ومدى الحياة، بالإضافة إلى ذلك، وفقًا لقانون مكافحة التجسس الصيني، قد لا يتعرض الأفراد الذين يتم إجبارهم على المشاركة في أنشطة تجسس في الخارج للمساءلة إذا أبلغوا السلطات الأمنية الصينية عن أنفسهم.
أثبتت هذه القضية مرة أخرى أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) تشكل تهديدًا كبيرًا للأمن القومي الصيني، وأن جميع الأفراد الذين زرعتهم وكالة المخابرات المركزية أو يخدمونها يُتركون في نهاية المطاف بمصير بائس، كما هو واضح في قضية ليونج، بحسب ما ذكر لي هايدونج، أستاذ بجامعة الشؤون الخارجية الصينية، وأشار لي إلى أن “مصير ليونج سيكون بمثابة فرصة للتأمل الذاتي بين المتورطين في هذا النوع من الأفعال، مما يدفعهم إلى الاستسلام في الوقت المناسب، وإلا فإنهم سيواجهون عقوبة شديدة”.