في سبتمبر/أيلول 2013، اقترح الرئيس الصيني شي جين بينج بناء “حزام اقتصادي على طول طريق الحرير” في جامعة نزارباييف في أستانا، كازاخستان، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها اقتراح مبادرة الحزام والطريق. تحمل كازاخستان أهمية خاصة لمبادرة الحزام والطريق، ليس فقط لأنها الدولة التي تم اقتراح مبادرة الحزام والطريق فيها لأول مرة، ولكن أيضًا لأنها رائدة في البناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق، فقد حققت كازاخستان نتائج مثمرة في التعاون مع الصين خلال السنوات العشر الماضية.
في الذكرى العاشرة لمبادرة الحزام والطريق، أجرت صحيفة جلوبال تايمز مقابلة حصرية مع السفير الصيني لدى كازاخستان تشانغ شياو (تشانغ)، الذي قال إن الذكرى السنوية تعد علامة فارقة ونقطة انطلاق جديدة للتعاون بين الصين وكازاخستان، وفي المستقبل، سيعمل الجانبان معًا على تعزيز التنمية عالية الجودة لمبادرة الحزام والطريق.
ج.ت: يصادف هذا العام الذكرى السنوية العاشرة لمبادرة الحزام والطريق، وكازاخستان هي المكان الذي تم فيه اقتراح المبادرة لأول مرة. كيف تقيمون نتائج التعاون بين الصين وكازاخستان في إطار مبادرة الحزام والطريق؟
تشانغ: خلال العقد الماضي، واصل البلدان تعميق وترسيخ التعاون في مختلف المجالات، وحققا نتائج تعاون مثمرة وعملية. لقد أصبحوا مثالًا ناجحًا لتنفيذ مبادرة الحزام والطريق على مستوى العالم.
وفي السنوات العشر الماضية، تعمقت الاتصالات السياسية بين البلدين بشكل مستمر، وفي ظل التوجيه الاستراتيجي لزعماء الصين وكازاخستان، تتوافق مبادرة الحزام والطريق بشكل عميق مع استراتيجية التنمية في كازاخستان، وتعزز باستمرار التعاون العملي المستقر وبعيد المدى بين البلدين.
وفي تلك السنوات العشر، تم تطوير وتحسين التجارة والاستثمار بين الصين وقازاقستان، وفي عام 2022، تجاوز حجم التجارة الثنائية 31 مليار دولار لأول مرة، بزيادة سنوية قدرها 23.7 في المائة، لقد ظلت الصين تصنف على نحو ثابت باعتبارها ثاني أكبر شريك تجاري لكازاخستان، وثاني أكبر وجهة تصدير، وثاني أكبر مصدر للواردات لسنوات عديدة.
وقد استمر تطوير الارتباط بين الصين وكازاخستان خلال السنوات العشر الماضية. وقد طور كلا البلدين بقوة النقل العابر والنقل البري والبحري الدولي متعدد الوسائط. وتعمل قطارات الشحن بين الصين وأوروبا دون توقف، حيث مر أكثر من 13 ألف قطار عبر مينائي ألاشانكو وخورغوس في منطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم بشمال غربي الصين في عام 2022، بزيادة قدرها 8.7 بالمئة مقارنة بالعام السابق، وفي الفترة من يناير إلى يوليو 2023، مر عبر هذه الموانئ أكثر من 8000 قطار.
وفي العقد الماضي، ازدهرت الصناعات الناشئة أيضًا، وقد أنشأت الصين وكازاخستان باستمرار نقاط تعاون بارزة في مجالات مثل الرعاية الصحية والتجارة الإلكترونية عبر الحدود والاقتصاد الرقمي وتصنيع السيارات والزراعة الحديثة. شاركت كازاخستان في معرض الصين الدولي للاستيراد لمدة خمس سنوات متتالية، ونشطت في تطوير التجارة الإلكترونية عبر الحدود، مع انضمام إجمالي 220 شركة كازاخستانية إلى منصة علي بابا الدولية للتجارة الإلكترونية.
كما تعمقت التبادلات الشعبية خلال السنوات العشر الماضية. إن معاهد كونفوشيوس الخمسة التي أنشأتها الصين في كازاخستان تعمل بسلاسة، كما أن ورشة لوبان على وشك الإنشاء. ومع توقيع اتفاقية الإعفاء من التأشيرة بين الصين وكازاخستان وإطلاق عام السياحة الكازاخستاني 2024 في الصين، ستصل التبادلات الشعبية والتبادلات الثقافية بين البلدين إلى مستوى جديد.
تعد الذكرى السنوية العاشرة لمبادرة الحزام والطريق في كازاخستان علامة فارقة ونقطة انطلاق جديدة للتعاون بين الصين وكازاخستان. في المستقبل، سيلتزم الجانبان بمبادئ التشاور والبناء المشترك والمنافع المشتركة، بهدف “المعايير العالية والاستدامة وإفادة الشعب”، وسيعملان معًا على تعزيز الشراكة العميقة والمتعددة القطاعات والمفيدة لتطوير عالي الجودة لمبادرة الحزام والطريق.
ج.ت: وفقًا لتجربتك وملاحظاتك في كازاخستان، ما هي الفوائد الكبيرة التي جلبتها مبادرة الحزام والطريق إلى السكان المحليين؟
تشانغ: من التجارة والاستثمار إلى التعاون في مجال القدرات، ومن الاتصال بالصناعات الناشئة، ومن الجهود المشتركة في مكافحة الوباء إلى التبادلات الثقافية، أظهر التعاون الشامل متبادل المنفعة بين الصين وكازاخستان حيوية ومرونة قويتين، وأساسًا للتعاون المشترك، أصبحت الصداقة بين الناس قوية بشكل متزايد.
وقد تم بناء عدد كبير من المشاريع النموذجية من قبل الجانبين، مثل مصفاة شيمكنت للنفط، ومحطة الطاقة الكهروضوئية في ألماتي، ومصنع أوردا للزجاج في منطقة كيزيلوردا في كازاخستان، وقد أدى ذلك إلى تحسين مستوى التصنيع في كازاخستان إلى حد كبير، كما أفاد الشعب.
ج.ت: وفقًا لإعلان شيان الصادر عن قمة الصين وآسيا الوسطى، التي اختتمت في شيان في شهر مايو، أكد الإعلان على مواءمة مبادرة الحزام والطريق مع استراتيجيات التنمية الوطنية لدول آسيا الوسطى، بما في ذلك السياسة الاقتصادية الجديدة لدول آسيا الوسطى. برأيك، ما هي المجالات التي تعتقد أنها ستحظى بأكبر إمكانيات للتعاون بين البلدين في المستقبل؟
تشانغ: كما أكد الإعلان، سيعمل البلدان على تعزيز مجالات التعاون القائمة مع استكشاف مجالات جديدة للنمو، وتحسين الهيكل التجاري بشكل مستمر، وتوسيع مجالات التجارة، وتسهيل التبادلات الاستثمارية، وتعزيز ترابط البنية التحتية.
وفي قطاع الطاقة التقليدية، سوف يستمر التعاون في مجالات مثل النفط والغاز الطبيعي واليورانيوم. وفي قطاع الطاقة النظيفة، سيتم توسيع التعاون بشكل نشط في مجالات مثل طاقة الرياح والطاقة الكهروضوئية والطاقة الحرارية الشمسية.
وفي قطاع الابتكار، سيتم تطوير التعاون في مجالات مثل التجارة الإلكترونية والبيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي والجيل الخامس، وفي مجال ربط البنية التحتية، سيتم بذل الجهود لتحسين النقل عبر الحدود وقدرة التعامل مع الموانئ، مع تعزيز الترابط البري والبحري أيضًا.
بالإضافة إلى ذلك، هناك إمكانات كبيرة للتعاون بين البلدين في مجالات مثل استخراج المعادن ومعالجتها، وتصنيع الآلات، والمواد الكيميائية، ومواد البناء، والزراعة.
ج.ت: التعاون في مجال الطاقة، بما في ذلك النفط والغاز، هو الجانب الرئيسي للعلاقات بين الصين وكازاخستان. ما خطط التعاون المستقبلية في مجال الطاقة بين البلدين؟ وما هي أهمية تعزيز التعاون مع كازاخستان ودول آسيا الوسطى الأخرى في مجال الطاقة لضمان الأمن الاستراتيجي للصين؟
تشانغ: يعد التعاون في مجال الطاقة مجالا رئيسيا للتعاون بين الصين وكازاخستان في إطار مبادرة الحزام والطريق. على مر السنين، كان أساس التعاون في مجال الطاقة بين الصين وقازاقستان قويا ومثمرا، وأصبح حجر الزاوية في تعزيز بناء مبادرة الحزام والطريق بين البلدين. وفي المستقبل، سيصبح موقع ودور موارد النفط والغاز من كازاخستان في نظام إمدادات أمن الطاقة في الصين أكثر أهمية.
وعلى خلفية الجهود العالمية لمعالجة تغير المناخ وتسريع التحول النظيف ومنخفض الكربون للطاقة، تواجه كل من الصين وكازاخستان تحديات في مجال التنمية الخضراء ومنخفضة الكربون والمستدامة، وفي السنوات الأخيرة، تطورت الطاقة المتجددة في الصين بشكل مطرد، وبينما تعمل على تعزيز تحولها وتنميتها، فإنها تعمل أيضا بنشاط على توسيع التعاون مع كازاخستان في مجال الطاقة الجديدة، مما يساعد على تسهيل تحويل الطاقة المحلية.
ج.ت: بالإضافة إلى المجالات التقليدية، لاحظنا أنه في السنوات الأخيرة، أبدت بلدان في آسيا الوسطى، مثل كازاخستان، اهتمامًا كبيرًا بالتنمية الخضراء في الصين والقطاعات الناشئة مثل التجارة الإلكترونية.
تشانغ: لقد حددت كازاخستان تطوير الطاقة الخضراء كاتجاه رئيسي في استراتيجيتها الوطنية لتنمية الطاقة، وحددت هدف التحول إلى اقتصاد أخضر بحلول عام 2050، وأصبح التعاون في الطاقة الخضراء أحد أبرز معالم التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين وكازاخستان، وقد ساهم إطلاق الشركات الصينية للمشاريع الخضراء في كازاخستان، مثل مزرعة رياح جاناتاس بقدرة 100 ميجاوات، في دفع تحقيق هذا الهدف بشكل كبير.
وفي مجال التجارة الإلكترونية، دعمت كازاخستان بقوة الشركات في تعزيز الصادرات من خلال التجارة الإلكترونية عبر الحدود في السنوات الأخيرة، ومن عام 2020 إلى عام 2022، انضم إجمالي 220 شركة كازاخستانية إلى منصة التجارة الإلكترونية الدولية لشركة علي بابا، بمبيعات تراكمية بلغت حوالي 225 مليون دولار.
ج.ت: أكد قادة الدول مجددا على التعاون في مكافحة الإرهاب خلال اجتماع مجلس رؤساء دول منظمة شنغهاي للتعاون في يوليو/تموز. ما هي التهديدات الإرهابية الجديدة التي تعتقد أن الصين ودول آسيا الوسطى تواجهها؟ وما الذي يحتاج إلى تعاون مستقبلي؟
تشانغ: الوضع العالمي لمكافحة الإرهاب في الوقت الحالي ليس متفائلًا، وكانت آسيا الوسطى دائمًا في طليعة الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب.
وفي هذا السياق، ستواصل الصين تعزيز التعاون الأمني مع دول آسيا الوسطى من خلال القنوات الثنائية وضمن الأطر المتعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة ومنظمة شنغهاي للتعاون، وستنفذ الصين بنشاط مبادرات الأمن العالمي وستمارس مفهومًا جديدًا للأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام.
ج.ت: يؤثر الوضع في أوكرانيا بشكل عميق على المشهد الدولي، وفيما يتعلق بهذه القضية، إلى أي مدى تتقاسم الصين وكازاخستان نفس الموقف؟ ما هو التعاون المنسق الذي يمكن القيام به بين البلدين؟
تشانغ: منذ اندلاع الأزمة، عرضت الصين حكمتها الخاصة لإيجاد حل، بما في ذلك ورقة توضح موقفها من التسوية السياسية للأزمة الأوكرانية، والتي نشرت في فبراير. ومؤخرًا، سافر الممثل الخاص للحكومة الصينية للشؤون الأوراسية، لي هوي، إلى جدة لحضور اجتماع حول القضية الأوكرانية.
إن الموقف الأساسي للصين هو الدعوة إلى السلام والحوار، ولعب دور بناء مع المجتمع الدولي في تعزيز الحل السياسي.
وتشترك الصين وكازاخستان في مواقف متطابقة بشأن هذه القضية، وتلتزم كل منهما بإيجاد حل سياسي للأزمة، وكل من البلدين لديه نفس الفهم لخلفية الأزمة وأسبابها الجذرية، وكل منهما يعتقد أن أوكرانيا لا ينبغي لها أن تصبح طليعة وساحة معركة في مواجهة القوى الكبرى.
ترغب الصين في مواصلة تعزيز الاتصالات والتعاون مع دول المنطقة، بما فيها كازاخستان، بشأن القضية الأوكرانية، وستبذل الصين المزيد من الجهود بطريقة بناءة لمنع الوضع من الخروج عن السيطرة، وتعزيز وقف إطلاق النار، وتعزيز التوافق في المفاوضات.