صرح رئيس مجلس الدولة الصيني، لي تشيانغ، خلال محادثاته مع الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو في جاكرتا، أن الصين تستعد للعمل مع إندونيسيا لتنفيذ ما توصل إليه رئيسا البلدين، والاستمرار في تعزيز التعاون بين استراتيجيات التنمية، وتعزيز التنمية المشتركة للبلدين.
يُمثّل اجتماع ويدودو مع رئيس مجلس الدولة لي، ثاني اجتماع رفيع المستوى بين إندونيسيا وأكبر شريك تجاري لها خلال شهرين، بعد اجتماع الرئيس الإندونيسي مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في نهاية يوليو في الصين، فيما يتجه الزعماء في الوقت الحالي إلى قمة مجموعة العشرين في الهند عقب اختتام قمة الآسيان.
قال الرئيس الإندونيسي إن الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين إندونيسيا والصين حققت نتائج مثمرة في السنوات الأخيرة، وأضاف أن بلاده ستواصل المضي قدمًا بروح باندونج، كما أنها مستعدة للعمل مع الصين لتعزيز التعاون الإقليمي والحماية المشتركة للسلام والاستقرار والرخاء الإقليمي، وفقًا لوكالة أنباء شينخوا.
وخلال الزيارة، وقّع الجانبان على عدد من وثائق التعاون الثنائي في مجالات الصناعة والزراعة وصيد الأسماك والتجارة الإلكترونية والابتكار العلمي والتكنولوجي.
وأوضح خبراء صينيون إن التكرار المرتفع نسبيًا للتبادلات بين القادة والمسؤولين رفيعي المستوى في الصين وإندونيسيا يعكس أن العلاقات الثنائية وصلت إلى مستوى جديد، ويمكن توقع استمرار تعميق التعاون متعدد الأوجه بجودة عالية بين الجانبين فى المستقبل.
وأعربوا عن اعتقادهم بأن التعاون بين الصين وإندونيسيا، أكبر اقتصاد في آسيان والدولة الأكثر سكانًا، سيكون له تأثير واضح في المنطقة، وهو أمر ذو أهمية حيوية للحفاظ على زخم التنمية والاستقرار في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، خاصة في الوقت الذي تبذل الولايات المتحدة جهودًا لدق الأوتاد وخلق الانقسامات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ من خلال قضية بحر الصين الجنوبي.
تعميق الثقة الاستراتيجية
وخلال محادثاته مع ويدودو، قال رئيس مجلس الدولة لي إنه في ظل التوجيه الاستراتيجي لرئيسي الدولتين، حافظت العلاقات الثنائية على زخم قوي للتنمية، وفقًا لوكالة أنباء شينخوا.
ودعا لي الجانبين إلى مواصلة تعميق الثقة الاستراتيجية المتبادلة، وتعزيز الدعم المتبادل في القضايا المتعلقة بالمصالح الأساسية والشواغل الرئيسية لكل منهما، والاستجابة بشكل مشترك لمختلف المخاطر والتحديات، ومواصلة توسيع التبادلات على جميع المستويات، والاستفادة الجيدة من الآليات مثل الحوار والتعاون الثنائي رفيع المستوى.
جاء اجتماع ويدودو مع رئيس مجلس الدولة لي بعد أقل من شهرين من لقائه مع الرئيس شي في تشنغدو، حيث كان يحضر حفل افتتاح النسخة الصيفية الـ31 من دورة الألعاب الجامعية العالمية (FISU) في المدينة الواقعة جنوب غرب الصين.
وقال شي لويدودو إن الصين مستعدة لتعميق التعاون الاستراتيجي مع إندونيسيا، وتقديم مثال جيد لكيفية تقاسم الدول النامية لمستقبل مشترك، والسعي إلى التضامن والتعاون وتعزيز التنمية المشتركة، وضخ المزيد من اليقين والطاقة الإيجابية في المنطقة والعالم.
ووفقًا لوزارة الخارجية الصينية، في السنوات الأخيرة، أجرى زعيما البلدين تبادلات متكررة، التقى شي مع ويدودو خلال الاجتماع السادس والعشرين لقادة أبيك في نوفمبر 2018، وخلال قمة مجموعة العشرين في أوساكا في يونيو 2019، وخلال قمة بالي لمجموعة العشرين في نوفمبر 2022. كما زار ويدودو الصين عدة مرات منذ عام 2014. اندلاع، تحدث الزعيمان عبر الهاتف ست مرات.
الذكرى السنوية العاشرة
تكرر تبادل الزيارات والحوارات بين القادة الصينيين والإندونيسيين، بما في ذلك تلك بين الوزراء، منذ عام 2013، مما يدل على أن العلاقات الصينية الإندونيسية قد وصلت إلى آفاق جديدة، كما ذكر لو يونج كون، نائب مدير معهد دراسات جنوب شرق آسيا وأوقيانوسيا في المعاهد الصينية للعلاقات الدولية المعاصرة، لصحيفة جلوبال تايمز.
ويصادف عام 2023 الذكرى السنوية العاشرة لتأسيس الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وإندونيسيا، والذكرى العاشرة لاقتراح شي لبناء مجتمع مصير مشترك بين الصين والآسيان، كذلك الذكرى السنوية العاشرة لمبادرة الحزام والطريق.
وقال لوه “في ظل توجيهات التفاعلات رفيعة المستوى بين البلدين، تستمر الثقة المتبادلة والتعاون بين البلدين في التعمق”، وأضاف “نحن بحاجة إلى مثل هذه الزيارات المتكررة رفيعة المستوى لإجراء الاتصالات اللازمة بشأن بعض القضايا ذات الاهتمام المشترك، وخاصة القضايا الإقليمية والدولية الساخنة”.
قال رئيس مجلس الدولة لي، الذي قام بجولة تجريبية على خط السكك الحديدية عالي السرعة بين جاكرتا وباندونج يوم الأربعاء، وهو مشروع تاريخي في إطار مبادرة الحزام والطريق، لويدودو يوم الجمعة إنه يتعين على الجانبين مواصلة توسيع التعاون العملي.
وقال لي إن الصين ستعمل مع إندونيسيا لجعل الممر الاقتصادي الإقليمي الشامل ومشروع “دولتان ومتنزهان” مشروعين رئيسيين جديدين للتعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق.
وأضاف أن الصين مستعدة للعمل مع إندونيسيا من أجل التنفيذ عالي الجودة للاتفاقية الاقتصادية الإقليمية الشاملة، وتوسيع واردات السلع السائبة والمنتجات الزراعية والسمكية عالية الجودة من إندونيسيا، وتشجيع الشركات الصينية على الاستثمار والقيام بأعمال تجارية في إندونيسيا.
تدعم الصين بناء العاصمة الجديدة لإندونيسيا، وتقف على استعداد للعمل مع إندونيسيا لتعزيز “محركات جديدة” للتعاون مثل الاقتصاد الرقمي والتنمية الخضراء، ومواصلة تعزيز التبادلات والتعاون في مجالات الزراعة والأدوية والصحة والشباب والتعليم والثقافة والسياحة، بحسب ما أضاف لي.
أكبر شريك تجاري
قال قو شياو سونغ، عميد معهد أبحاث الآسيان بجامعة هاينان للمحيطات الاستوائية، لصحيفة جلوبال تايمز يوم الجمعة، إن إندونيسيا والصين حققتا نتائج تعاون ملحوظة في إطار مبادرة الحزام والطريق، وشهد حجم التجارة نموا في السنوات الأخيرة.
وتعد الصين أكبر شريك تجاري لإندونيسيا. وفي عام 2022، وصلت التجارة الثنائية بين الصين وإندونيسيا إلى 149.1 مليار دولار أمريكي، بزيادة 19.8 بالمئة على أساس سنوي، وتعد إندونيسيا ثاني أكبر وجهة استثمارية للصين في آسيان، حيث وصل إجمالي استثمارات الصين في إندونيسيا في عام 2022 إلى 8.19 مليار دولار، وفقًا للبيانات الصادرة عن وزارة الخارجية الصينية.
ووفقًا لقو، فإن إمكانات التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين وإندونيسيا لا تزال مرتفعة، خاصة بالنظر إلى أن فيتنام هي دولة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) ذات أكبر حجم تجاري إجمالي مع الصين، في حين لا يمكن مقارنة فيتنام بإندونيسيا من حيث الحجم الاقتصادي وعدد السكان.
تعد إندونيسيا أكبر دولة في رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، حيث تمثل حوالي 40 في المائة من إجمالي عدد السكان وحجم الاقتصاد في رابطة دول جنوب شرق آسيا، وتتمتع بنفوذ إقليمي قوي، وقال قو إن التنمية السلسة للعلاقات بين الصين وإندونيسيا لها تأثير واضح على دول الآسيان الأخرى.
وقال قو إن هناك مجالًا كبيرًا للتعاون عالي الجودة بين الصين وإندونيسيا في المستقبل، وسيتم تحقيق المزيد من المواءمة بين طريق الحرير البحري الصيني للقرن الحادي والعشرين واستراتيجية التنمية البحرية في إندونيسيا.
قال المحللون إن الصين تتماشى مع أعضاء الآسيان في تعزيز التعاون والحفاظ على السلام والاستقرار الإقليميين، وأكدوا على أن الولايات المتحدة هي التي تلعب دورًا سلبيًا في تقويض مناخ التعاون في المنطقة، مُوضحين أن الولايات المتحدة قبل وأثناء قمة الآسيان، لم تتوقف عن تعزيز التحالفات والضغط على الحلفاء لمواجهة الصين بشأن قضية بحر الصين الجنوبي، وتغيب الرئيس الأميركي جو بايدن عن قمة آسيان، لكنه سيحضر قمة مجموعة العشرين في الهند، وسيتبعها بزيارة مقررة إلى هانوي لجذب فيتنام.
وقال لوه: “عندما تحاول الولايات المتحدة دق إسفين وتدمير مناخ التعاون في منطقة آسيا والمحيط الهادئ من خلال قضية بحر الصين الجنوبي، فإن التبادل والتعاون بين بكين وجاكرتا يعد علامة على التصميم على الحفاظ على زخم السلام والازدهار في منطقة آسيا والمحيط الهادئ”، وأضاف “هذا مهم جدًا لدول المنطقة الأخرى”، مُشيرًا أنه في حالة تدخل القوى الخارجية “فإن الأولوية هي الحفاظ على التعاون التنموي السلمي والاستقرار في المنطقة، هذا ليس طموح الصين وإندونيسيا فحسب، بل أيضًا دول المنطقة ككل”.