تفاجأت وسائل الإعلام الغربية بتحقيق فيلم أوبنهايمر، للمخرج كريستوفر نولان، مكاسب في السينمات الصينية، حيث حقق الفيلم 300 مليون يوان (41.1 مليون دولار أمريكي) في شباك التذاكر، خلال الأيام العشرة منذ عرضه في البر الرئيسي الصيني.
ويستند فيلم أوبنهايمر على حياة عالم الفيزياء النظرية الأمريكي، المعروف باسم “أبو القنبلة الذرية”، ج.روبرت أوبنهايمر، ويستكشف الفيلم اختراعه للقنبلة الذرية، والآثار المترتبة على صنع السلاح الفتاك، وحصل الفيلم على تقييم 8.8/10 على منصة مراجعة الوسائط الصينية “دوبان” من أكثر من 400 ألف مراجعة.
استغراب وسائل الإعلام الغربية جاء بسبب أن الفيلم يعارض الشيوعية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، ومن المفترض ألا ينتشر الفيلم في الصين الشيوعية، ويرى محللون أن سبب انتشار الفيلم ربما يأتي بسبب شعبية مخرجه بها، ولكن ما لقى صدى وأثّر في الجمهور هو وجهة نظر نولان للعلوم والتكنولوجيا التي ظهرت داخل الفيلم.
يُعدّ الفيلم استعراضًا لمفترق الطرق الأخلاقي لأوبنهايمز، وبمثابة تحذير يحثّ المشاهد على التفكير في التداعيات المحتملة للتقدم العلمي، وأهمية اتخاذ القرار الأخلاقي في مواجهة التقدم، ويواجه رواد السينما اليوم نفس السؤال الذي واجهه أوبنهايمر من قبل، نظرًا للاكتشافات والتغيرات الهائلة في العديد من المجالات العلمية، بما في ذلك تحرير الجينات والذكاء الاصطناعي، التي من المتوقع أن تؤثر على تطور البشرية.
يطرح الفيلم تساؤلات؛ ما الذي يمكن أن تقدمه القنبلة للبشر بالضبط؟ كيف ستغير الإنسانية؟، تلك التساؤلات التي ظهرت لأوبنهايمر بعدما حصدت القنبلة الذرية مئات الآلاف من البشر في هيروشيما وناجازاكي، وهي نفس التساؤلات التي يواجهها الناس اليوم.
ويرى المحللون أن قبول الفيلم والترحيب به من قِبل الجمهور الصيني، يُظهر الموقف العام المنفتح لهم، ورغم مقاطعة الفيلم في اليابان، إلا أنها تقوم بأفعال منافية لموقفها التاريخي من القنبلة الذرية، حيث تقوم بإلقاء مياه الصرف الصحي الملوثة نوويًا في فوكوشيما في المحيط، مما يفتح تساؤلًا حول مدى استيعاب الدول للتاريخ.
من السهل مقاطعة فيلم، لكن تجاهل المعارضة وتعريض العالم لخطر أزمة نووية أخرى هو الخيانة الحقيقية للتاريخ، ويبدو أن البشرية لا يزال أمامها طريق طويل لتقطعه قبل أن تتعلم حقًا من التاريخ.
الصورة الملتقطة في 25 أغسطس 2023 تظهر ملصق فيلم أوبنهايمر في إحدى دور السينما في شنغهاي. الصورة: في سي جي