يمكن استخدام الهيدروجين كبديل للفحم في صناعة الصلب، التي تُعد واحدة من أكبر الصناعات في الصين، حيث تنتج أكثر من نصف إنتاج الصلب العالمي، واعتمادًا على كيفية إنتاج الهيدروجين، يمكن أن يؤدي ذلك إلى التخلص تمامًا من ثاني أكسيد الكربون، وتؤدي قابلية الهيدروجين وطبيعته الخالية من الانبعاثات إلى استخدامه كوقود مثالي للنقل البري والجوي، لكن حتى الآن لازالت النتائج مختلطة، رغم تولي الحكومات المحلية زمام الأور.
الهيدروجين الأخضر
تعد الصين أكبر منتج للهيدروجين في العالم، حيث تنتج 33 مليون طن سنويًا، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف إنتاج ثاني أكبر منتج، الولايات المتحدة، ومع ذلك فإن أغلب إنتاج الهيدروجين في الصين يتم تشغيله عن طريق حرق الفحم والغاز الطبيعي، وهي العملية التي تؤدي إلى انبعاث ثاني أكسيد الكربون، مما يؤدي إلى إنتاج ما يسمى “الهيدروجين الرمادي”.
يُنتج “الهيدروجين الأخضر” عن طريق تقسيم الماء إلى هيدروجين وأكسجين باستخدام خلية كهروكيميائية تسمى المحلل الكهربائي، وقد قدمت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي دعمًا سخيًا لإنتاج التحليل الكهربائي للمياه من الهيدروجين الأخضر الذي لا يصدر أي انبعاثات قذرة، ويهدف كلاهما إلى تحقيق أهداف استهلاك طموحة تبلغ 10 ملايين طن متري و20 مليون طن متري بحلول عام 2030، على التوالي.
كما حددت الحكومة المركزية في الصين أهدافًا أيضًا، ولكنها أقل طموحًا كثيرًا، ففي مارس/آذار، قالت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح إن البلاد ستحاول إنتاج ما يصل إلى 200 ألف طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا، وستعمل حوالي 50 ألف مركبة بوقود الهيدروجين على الطرق بحلول عام 2025.
وحتى في ظل احتمالات النمو المتسارع في النصف الثاني من هذا العقد، فإن دفع الحكومة المركزية الصينية نحو الهيدروجين الأخضر لا يمكن مقارنته بالأيام الأولى لسوق بطاريات السيارات الكهربائية، عندما كانت الإعانات المستهدفة لشركات صناعة البطاريات مثل “كاتل” لخلق قادة الصناعة.
يقول كوري كومز، المدير المساعد لشركة صرحت شركة الاستشارات السياسية تريفيوم الصين لمشروع الصين، “إن دفع الحكومة المركزية وراء الهيدروجين الأخضر ليس قويًا كما كان الحال بالنسبة للبطاريات، ويرجع ذلك جزئيًا إلى وجود الهيدروجين، وستكون الحكومة المركزية أكثر ميلًا إلى السماح للسوق بتحديد الشركة الرائدة”.
وبعد أن حددت بكين الهدف الوطني لإنتاج الهيدروجين الأخضر، شعرت الحكومات المحلية والشركات والمؤسسات المملوكة للدولة بالضغط لمساعدة الصين على تحقيق أهداف خفض الانبعاثات، وخشيت من العقوبات، في شكل تعريفات تصدير، على الاستمرار في إطلاق ثاني أكسيد الكربون. ومن ثم فقد وضعوا أهدافهم الأكثر طموحًا، والتي سيتجاوز إجماليها 1.2 مليون طن متري سنويًا.
مسارات مختلفة للتبني
ولأن الهيدروجين الأخضر لا يزال باهظ الثمن وقليل المعروض، فإن الدعم الحكومي الذي يساعد على خفض التكاليف وزيادة التوافر يمكن أن يؤدي إلى زيادة الاستهلاك، في الوقت الذي تكافح فيه صناعة الهيدروجين الأخضر من أجل النمو، تواجه صناعة الهيدروجين الأخضر إجابة حول أين يجب أن تذهب الأموال الحكومية: هل إلى الإنتاج أم إلى تطبيقات الاستخدام النهائي؟.
وقال كومز: “إن التطوير الحالي للهيدروجين الأخضر في الصين كان في الغالب عبارة عن جهد لا مركزي تقوده الحكومات المحلية”، وقد أدرجت الهيدروجين في استراتيجيات النمو الخاصة بجميع المقاطعات، مع أكثر من 120 مشروعًا للهيدروجين الأخضر قيد التنفيذ حاليًا.
تستكشف الحكومات المحلية مسارات مختلفة للتبني الإقليمي للهيدروجين الأخضر، تقود شينجيانغ ومنغوليا الداخلية إنتاج الهيدروجين الأخضر بفضل طاقتيهما الشمسية وطاقة الرياح الرخيصة، وتشمل المبادرات الأخرى المصممة لزيادة عدد مستخدمي الهيدروجين الأخضر في الصين البرامج التجريبية لمركبات خلايا الوقود الهيدروجينية في بكين، وتيانجين، وهيبي، وشانغهاي، وجوانجدونج، وهيبي، وهينان، وبرنامج حكومة شاندونغ “الهيدروجين في عشرة آلاف منزل”.
البحث عن نموذج الربح
تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر هي أكثر من ضعف تكلفة الهيدروجين الرمادي، وقال كومز: “لا يوجد ما يكفي من المزايا للهيدروجين الأخضر مقارنة بالهيدروجين الرمادي”، وقال إن هذا ليس جيدًا لإزالة الكربون لأن كلا المنتجين “متماثلان بشكل أساسي بالنسبة للمستخدمين النهائيين”.
كما تخطط الحكومة الصينية للوصول لذروة استخدام الكربون بحلول عام 2030، وتصبح محايدة للكربون بحلول عام 2060، تتعرض الصناعات الثقيلة لضغوط للمساعدة في إنتاج الهيدروجين الأخضر، ويأتي المزيد من الضغوط من أجل التحول إلى الطاقة الخضراء باستخدام الهيدروجين من متطلبات الاستيراد الصارمة على نحو متزايد في الاتحاد الأوروبي، وآلية تعديل حدود الكربون (CBAM)، والتي يمكن أن تفرض تعريفات كبيرة على منتجات التصدير الصينية عالية الانبعاثات مثل الحديد والصلب.
