🇨🇳 الصــين فنزويلا

الصين وفنزويلا يفتحان صفحة جديدة في العلاقات الثنائية

عقدت الصين وفنزويلا شراكة استراتيجية، وأكد الرئيس الصيني، شي جين بينج، على مواصلة دعم جهود فنزويلا لحماية السيادة الوطنية والكرامة والاستقرار الاجتماعي، فضلًا عن قضيتها العادلة ضد التدخل الخارجي.

وصف خبراء صينيون زيارة الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، بـ”التاريخية”، حيث تشير إلى دخول العلاقات الثنائية مرحلة جديدة، فقد وقع البلدان اتفاقيات تعاون بشأن البناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق، وفي مجالات عديدة من بينها الاقتصاد والتعليم والتكنولوجيا والساحات الفضائية. 

 ويعتقد الخبراء أن الزيارة ستكشف النقاب عن فصل جديد من التعاون مع الصين من شأنه أن يضخ زخمًا جديدًا في تنمية فنزويلا، التي دخلت مرحلة جديدة من التنمية بعد تجاوز تأثير العقوبات الأمريكية، وتشهد حاليًا انتعاشًا اقتصاديًا. 

ثقة الجنوب العالمي في الصين

تنظر الصين دائمًا إلى تطور علاقاتها مع فنزويلا من منظور استراتيجي وطويل الأجل، وقال شي إننا سنواصل دعمنا القوي لجهود فنزويلا لحماية السيادة الوطنية والكرامة والاستقرار الاجتماعي، فضلًا عن قضيتها العادلة ضد التدخل الخارجي.

وقد قام عدد كبير من قادة الدول النامية بزيارة الصين أو يخططون لزيارتها مؤخرًا، وهي علامة يعتقد المراقبون أنها تُظهر ثقة الجنوب العالمي في نمو الصين، فضلًا عن ترقب التعاون مع الصين، ويعتقدون أن الجاذبية الخاصة لنموذج التنمية الصيني وخطته للتغلب على التحديات العالمية المشتركة هي التي ساعدت في توحيد الاقتصادات النامية والناشئة، وسط تزايد مناهضة العولمة والأحادية. 

قال شي إن إقامة شراكة استراتيجية بين الصين وفنزويلا تلبي التوقعات المشتركة للشعبين وتتوافق مع الاتجاه العام للتنمية التاريخية، داعيًا الجانبين إلى الدفع من أجل تعاون استراتيجي أكثر مثمرة بين الصين وفنزويلا، وجلب المزيد من المنافع للشعبين وضخ المزيد من الطاقة الإيجابية في السلام والتنمية في العالم، وقال مادورو إن كل ما رآه وسمعه خلال زيارته يُظهر بشكل كامل تقدم الصين وقوتها.

وأكد على أن فنزويلا مستعدة للتعلم من تجربة الصين في بناء مناطق اقتصادية خاصة، وتعميق التعاون العملي في الزراعة والاستثمار والتعليم والسياحة وغيرها من المجالات.  

وقال مادورو إن فنزويلا تُدعم البناء المشترك للحزام والطريق، كما يدعم الجانب الفنزويلي مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية التي اقترحها شي.

وشهد الزعيمان التوقيع على اتفاقيات تعاون ثنائية متعددة في مجالات مبادرة الحزام والطريق، كذلك في الاقتصاد والتجارة والتعليم والسياحة والعلوم والتكنولوجيا، والرعاية الصحية والفضاء والطيران المدني.

صفحة جديدة في العلاقات الثنائية

وفي الإعلان المشترك لرفع العلاقات، يعتقد البلدان أنه من الضروري بذل جهود جماعية لدعم القيم المشتركة للسلام والتنمية والإنصاف والعدالة والديمقراطية والحرية للإنسانية جمعاء، ومعارضة جميع أشكال الهيمنة وسياسات القوة، ومعارضة جميع أشكال الهيمنة وسياسات القوة، ومعارضة تشكيل مجموعات حصرية تستهدف بلدانًا معينة.

واتفقا على تسريع التوقيع على وثائق التعاون للبناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق، وكانت قد وقعت الصين وفنزويلا مذكرة تفاهم للتعاون في مبادرة الحزام والطريق في 14 سبتمبر 2018.

كما وقع البلدان اتفاقيات بشأن الاستثمار، ودعا إلى تشجيع شركات الطيران على فتح رحلات جوية بين البلدين،وفي الوقت المناسب بناءً على احتياجات السوق.

وأكدت فنزويلا مجددًا اهتمامها بالانضمام إلى البريكس، كما تعهدت بتقديم مساهمات كمورد موثوق للطاقة مع احتياطيات البلاد الكبيرة من النفط والغاز الطبيعي.

وقال شو شي تشنغ، زميل باحث في معهد دراسات أمريكا اللاتينية التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، لصحيفة جلوبال تايمز إنه في السنوات الأخيرة، شهدت علاقة الصين مع فنزويلا تطورًا سريعًا؛ حيث توصل الجانبان إلى اتفاقيات بشأن استكشاف القمر والبيانات الضخمة وغيرها، وقال شيوي “إن البلدين يتمتعان بدرجة عالية من الثقة المتبادلة، وهذه الزيارة ستنقل العلاقات الثنائية إلى مرحلة جديدة”. 

وعانت فنزويلا من عقوبات أحادية غير قانونية فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها، الأمر الذي وجه ضربة قوية لتنمية الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية، ومع ذلك، قال شو إن الاقتصاد الفنزويلي بدأ ينتعش في عام 2021، والبيئة الدبلوماسية المحيطة به أقل عدائية، مُشيرًا إلى أن التعاون مع الصين يمكن أن يضخ زخمًا جديدًا في الانتعاش الاقتصادي في فنزويلا. 

منذ العام الماضي، بدأت كولومبيا في إصلاح العلاقات مع فنزويلا، بما في ذلك التوقيع على معاهدة استثمار ثنائية غير مسبوقة في فبراير من هذا العام، والتي تثبت التحسن الملحوظ في العلاقات بين البلدين. 

توقعات عالية نحو تجربة الصين

تداخلت زيارة مادورو مع زيارات لزعماء دول نامية أخرى، من بينهم الرئيس الزامبي هاكايندي هيشيليما، الذي بدأ زيارته للصين يوم الأحد ورئيس الوزراء الكمبودي الجديد هون مانيه، الذي سيقوم بزيارة رسمية للصين في الفترة من الخميس إلى السبت. 

يكشف العدد الكبير من الزيارات أن البلدان النامية لديها توقعات عالية للغاية؛ لتعزيز تنميتها من خلال التعاون والتعلم من تجربة الصين، في حين لا يزال التعافي الاقتصادي العالمي بطيئًا على الرغم من التخلص من الشلل الناجم عن كوفيد-19، حسبما قالت سونغ وي، الأستاذة في كلية العلاقات الدولية والدبلوماسية بجامعة بكين للدراسات الأجنبية، حسبما ذكرت صحيفة جلوبال تايمز، مُضيفة “الحقائق تؤكد أيضًا أن معظم الدول النامية واثقة من نمو الصين وانفتاحها”.

ومن المثير للاهتمام أن زيارات هؤلاء القادة لا تقتصر على العاصمة بكين، وزار مادورو عددًا من المدن الصينية بما في ذلك شنتشن بمقاطعة قوانغدونغ بجنوب الصين، وشانغهاي وجينان بمقاطعة شاندونغ شرقي الصين.

وعندما سُئل عن سبب اختيار شنتشن لتكون المحطة الأولى في جولته، قال مادورو: “بالنسبة لأولئك الذين يبحثون عن التطوير والتكنولوجيا والاختراعات الجديدة، تعد شنتشن مكانًا مهمًا، لذا فهي نقطة انطلاق جيدة”، وفقًا لتقرير صادر عن منطقة شنتشن الخاصة اليومية.

واستضاف المركز التكنولوجي الصيني أيضًا الرئيس الزامبي هاكايندي هيشيليما، الذي أقام في شنتشن من الأحد إلى الثلاثاء، وزار هيشيليما شركتي التكنولوجيا “تنسنت” و”زي.تي.إي” يوم الثلاثاء في شنتشن. 

وبحسب سونغ فإن التعاون والتنمية هما ركيزتان للعلاقات مع الدول النامية، ظلت الصين لفترة طويلة تقدم المساعدة لتلك البلدان، ولكن مع تغير تيار العولمة ومواجهة تلك البلدان لعقبات أكثر في التنمية من أي وقت مضى، تقدم الصين الآن مساعدة أكثر “استدامة”، وتنقل الخبرة الصينية إلى تلك البلدان.

ولا يقتصر الأمر على نموذج التنمية الصيني فحسب، بل المبادرات التي اقترحتها الصين لمواجهة التحديات التي يواجهها المجتمع الدولي، مثل مبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية، والتي حظيت بإشادة واسعة من الدول النامية، كما قال الخبراء.