أكدت الشركات الأوروبية أن استراتيجيتها في السوق الصينية لن تتغير، في الوقت ذاته التي يشكك فيه بعض السياسيين في مناخ الأعمال الصيني، مُحاولين الضغط من أجل “التخلص من المخاطر” من الصين.
وأعربت الشركات الأوروبية، التي تتراوح من التصنيع الصناعي إلى إنتاج المركبات،عن تفاؤل قوي بشأن تنمية ثاني أكبر اقتصاد، كما تتمتع تلك الشركات بثقة قوية في الصين، وأكدوا على أنهم سيعملون على تنمية السوق الصينية بعمق، من خلال بذل جهود مثل زيادة الاستثمار وتوظيف المزيد من الموظفين.
وقال خبراء صينيون إن أوروبا ليس لديها خيار مثالي أكثر من الصين، نظرًا للانكماش الاقتصادي العالمي الحالي، كما أن الارتباط التجاري الوثيق بين الصين وأوروبا تجاوز توقعات العديد من السياسيين الأوروبيين الذين يدفعون بمفهوم ما يسمى بحملة “إزالة المخاطر”.
تنمية السوق الصينية
وكشف باسكال دالوز، الرئيس التنفيذي لشركة البرمجيات الصناعية الفرنسية “داسو سيستمز”، عن وجود بعض الضغوط السياسية بالفعل، لكنه أكد أنه على الرغم من ذلك “فنحن هنا في الصين منذ فترة طويلة، وأعتقد أننا لن نغير سياستنا واستراتيجيتنا”.
وأوضح دالوز أن عدد الموظفين في الصين قد تضاعف ثلاث مرات في السنوات الأربعة الماضية، ويتجاوز عدد أعضاء النظام البيئي في الصين حاليًا 4000 موظف، وتخطط الشركة لإضافة 10000 شخص في السنوات الثلاث المقبلة،
وأضاف “هدف مبيعاتنا في الصين هو تحقيق زيادة بنسبة 30 بالمئة لتصل إلى مليار يورو (1.06 مليار دولار) في عام 2026، ونحن واثقون من ذلك”.
داسو ليست وحدها، فالسوق الصينية الواسعة تعد أيضًا أرضا واعدة لمنتجي السيارات من أوروبا، وقال كونستانتين سيتشيف، المدير الإداري لشركة أوتوموبيلي لامبورغيني في البر الرئيسي الصيني وهونج كونج وماكاو، “الطلبات التي تلقيناها من أجل ريفويلتو، النموذج الذي أطلقناه للتو قبل بضعة أشهر، غطت بالفعل الطاقة الإنتاجية للعام المقبل بأكمله، وتم تمديد جدول الإنتاج للطلبات المستلمة الآن حتى منتصف عام 2025”.
وأضاف أن لامبورغيني سجلت رقمًا قياسيًا جديدًا في المبيعات العالمية العام الماضي، كما وصل أداء مبيعاتها في السوق الصينية إلى مستوى جديد، وأوضح سيتشيف أن السوق الصينية كبيرة للغاية ومليئة بالتغيرات والحيوية، وأكد على اهتمام الشركة بتلبية احتياجات المستهلكين الصينيين بشكل أفضل.
التجارة بين الصين وأوروبا ضرورية
تأتي الثقة المتزايدة في الصين لدى الشركات الأوروبية على خلفية حديث الاتحاد الأوروبي عن “التخلص من المخاطر” في مناسبات مختلفة لفترة طويلة، فقد أطلقت رسميًا استراتيجية الأمن الاقتصادي الأوروبي في يونيو/حزيران من هذا العام، وهي في الأساس استراتيجية منهجية “للتخلص من المخاطر”.
عقدت الصين والاتحاد الأوروبي حوارًا اقتصاديًا وتجاريًا “عمليًا وصريحًا ومثمرًا” برئاسة نائب رئيس مجلس الدولة الصيني، خه ليفنغ، ونائب الرئيس التنفيذي للمفوضية الأوروبية، فالديس دومبروفسكيس، في بكين، وتوصل الجانبان إلى سلسلة من النتائج والتوافقات؛ بشأن تنسيق سياسات الاقتصاد الكلي والتعاون في مجال الصناعة وسلاسل التوريد وتحسين بيئة الأعمال وإصلاح منظمة التجارة العالمية والانفتاح المتبادل والتعاون التنظيمي للقطاع المالي، حسبما ذكر متحدث باسم وزارة التجارة الصينية.
ومع ذلك، انتقد دومبروفسكيس أيضًا بيئة الأعمال الصينية، قائلًا إنها تركت الشركات الأوروبية تكافح لفهم التزاماتها، وتتساءل عن مستقبلها في الصين، وفقًا لموقع فيو نيوز.
ونظرًا لأن أوروبا مستمرة في تبني ما يسمى بالمنطق السياسي والأمني للتدخل في النشاط الاقتصادي، فقد عطلت النشاط الاقتصادي الطبيعي، وهو ما يتناقض مع عولمة العالم، كما يرى تسوي هونغ جيان، الأستاذ في أكاديمية الحوكمة الإقليمية والعالمية بجامعة بكين للدراسات الأجنبية، لصحيفة جلوبال تايمز يوم الثلاثاء.
وفي اعتقاد جيان أن التجارة بين الصين وأوروبا مرتبطة بقوة، لأن أوروبا ليس لديها خيار مثالي أكثر من الصين في ظل الانكماش الاقتصادي العالمي الحالي.
ويكمل جيان بقوله أنه على الرغم من أن الجانب الأوروبي بدأ في المبالغة في المنافسة المتبادلة بين الصين وأوروبا في السنوات الأخيرة، إلا أنه في الحقيقة لا يمكن فصل الاحتياجات المتبادلة لكلا الجانبين، وعوامل الجذب في السوق الصينية، مثل استقرار سياسات السوق، وأضاف قائلًا إن عوائد السوق واضحة بالنسبة للعديد من الشركات والصناعات الأوروبية.