التقى كبير الدبلوماسيين الصينيين، وانج يي، اليوم (الجمعة) مع الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الفيتنامي، نجوين فو ترونج، في هانوي خلال زيارة تستغرق يومين كجزء من التفاعلات الثنائية المتكررة.
وقال وانج، عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ووزير الخارجية، إن الصين وفيتنام تشتركان في نفس الطموح والمصير، وهو ما يعد السمة الأكثر تميزًا للعلاقات الثنائية، وتُقدّر الصين أن فيتنام تنظر باستمرار إلى علاقتها مع الصين باعتبارها خيارًا استراتيجيًا وأولوية قصوى في سياستها الخارجية، كما تنظر الصين إلى علاقتها مع فيتنام باعتبارها أولوية في دبلوماسية جارتها.
وعلى أساس 15 عامًا من الشراكة التعاونية الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، فمن الطبيعي أن يتوصل الجانبان إلى توافق بشأن رفع مستوى العلاقات الثنائية، وقال وانج إن هذا يتماشى مع التطلعات والمصالح المشتركة لكلا البلدين، ويفيد أيضًا السلام والتنمية على الصعيدين الإقليمي والعالمي، ويفتح مستقبلًا أكثر إشراقًا للعلاقات الثنائية.
كما ترأس وانج اليوم الجمعة الاجتماع الخامس عشر للجنة التوجيهية الصينية الفيتنامية للتعاون الثنائي مع نائب رئيس الوزراء الفيتنامي تران لوه كوانج، وتوصل الجانبان إلى سلسلة من التوافقات بشأن تعزيز التعاون في مختلف المجالات في المرحلة المقبلة.
وبحسب إذاعة صوت فيتنام، اتفق الجانبان على تعزيز كفاءة التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري؛ خاصة تعزيز الروابط المرورية في مجالات السكك الحديدية والطرق والبنية التحتية لبوابات الحدود، كذلك تحسين كفاءة التخليص الجمركي للحفاظ على التجارة السلسة، وضمان سلاسل الإنتاج والتوريد.
وقال قو شياو سونج، عميد معهد أبحاث الآسيان في جامعة هاينان للمحيطات الاستوائية، لصحيفة جلوبال تايمز يوم الجمعة إن الصين وفيتنام، الدولتان الاشتراكيتان بقيادة الأحزاب الشيوعية، حافظتا على تبادلات سياسية واقتصادية وثقافية وثيقة.
وكان نجوين أول زعيم أجنبي يزور الصين بعد المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني في أكتوبر 2022.
ويتوقع المراقبون أن تؤدي زيارة وانج إلى تعزيز التوافق الثنائي وتمهيد الطريق أمام البلدين لمواصلة تطوير العلاقات الثنائية وتحقيق نتائج جوهرية ومتبادلة المنفعة.
زيارات متبادلة بعد الوباء
منذ زيارة نجوين للصين في أكتوبر 2022، حافظت الصين وفيتنام على اجتماعات وثيقة ومتكررة على مختلف المستويات، وقال بان جين، الزميل الباحث في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، لصحيفة جلوبال تايمز يوم الجمعة، إن آليات الزيارة المتبادلة الناضجة بين الصين وفيتنام، بعد تعطلها أثناء الوباء، عادت تدريجيًا إلى مستويات ما قبل الوباء.
تبادل المسئولين الصينيين والفيتناميين الزيارات، حيث زار رئيس الوزراء الفيتنامي، فام مينه تشينه، الصين في يونيو 2023 بدعوة من رئيس مجلس الدولة الصيني، لي تشيانج، كما أجرى الجانبان حوارًا دافئًا على هامش قمة الآسيان في سبتمبر.
زار نائب رئيس الوزراء الفيتنامي، تران لوه كوانج، الصين في أغسطس لحضور معرض الصين وجنوب آسيا السابع حيث التقى وانج يي، واتفق الجانبان على مواصلة الاستفادة من آليات التعاون، وتنسيق الجهود لدفع التعاون في مختلف المجالات، ودفع العلاقات الثنائية نحو هدف بناء مجتمع مصير مشترك بين البلدين.
استُثمر التعاون بين البلدين في العديد من النواحي، من بينها المجال البحر، حيث أنهت القوات البحرية الصينية والفيتنامية الدورية المشتركة الخامسة والثلاثين في خليج بيبو مؤخرًا، حسبما ذكرت صحيفة تشاينا ميليتاري أونلاين يوم الأربعاء، وبعد الدورية المشتركة، أجرى الجانبان تدريبات مشتركة في مجالات البحث والإنقاذ والاتصالات، من بين مجالات أخرى.
في نهاية شهر نوفمبر التقى وزير التجارة الصيني وانج وينتاو وفام ففي مدينة هوشي منه وتبادلا وجهات النظر حول موضوعات مثل تسوية التجارة بالعملات المحلية والربط بالسكك الحديدية، ورأى بان أن برامج التعاون الملموسة تمثل تقدمًا كبيرًا بعد الاتفاقيات المبدئية التي تم التوصل إليها بين البلدين العام الماضي.
واتفق المراقبون أيضًا على إمكانات التجارة الثنائية، والتي حققت بالفعل إنجازات ملحوظة. وتعد الصين أكبر شريك تجاري لفيتنام، حيث بلغت التجارة الثنائية 234.9 مليار دولار في عام 2022. وأصبحت فيتنام أكبر شريك تجاري للصين بين أعضاء الآسيان العشرة، حسبما ذكرت وكالة أنباء شينخوا.
وتوقع قو أن المزيد من المنتجات الزراعية عالية الجودة ستكون قادرة على دخول السوق الصينية، وأن البلدين لديهما أيضًا إمكانات كبيرة للتعاون في البنية التحتية.
البنية التحتية هي عنق الزجاجة للنمو الاقتصادي في فيتنام، وقال قو إن فيتنام بحاجة إلى اتصال أفضل بالسكك الحديدية، بينما تتمتع الصين بمزايا تكنولوجية ومالية، مُضيفًا أن نجاح خط السكة الحديد بين الصين ولاوس كان حافزًا لفيتنام لتعزيز التعاون في مجال السكك الحديدية مع الصين.
وأضاف قه هونج ليانج، نائب مدير كلية دراسات الآسيان بجامعة قوانجشي للقوميات، أن الصين وفيتنام يمكنهما أيضًا ضمان استقرار سلاسل التوريد وتعزيز الاقتصاد الإقليمي بشكل مشترك.
ودحض محللون الروايات التي زرعت الفتنة بين الصين وفيتنام، زاعمين أنهما تتنافسان على سلاسل التوريد وسط عمليات النقل الصناعي، وقال قه إن “الاتجاه هو ترقية صناعية طبيعية ونتائج لمبادئ السوق، وفي الواقع، تستثمر العديد من الشركات الصينية في فيتنام”.
وفي النصف الأول من عام 2023، ضخت الصين ما يقرب من 1.3 مليار دولار في 233 مشروعًا في فيتنام، لتصبح ثالث أكبر دولة مصدرة للاستثمار الأجنبي المباشر بعد سنغافورة واليابان، وفي الوقت الحالي، تحتل الصين المركز السادس من بين 143 دولة ومنطقة تستثمر في فيتنام من خلال 3791 مشروعًا صالحًا تبلغ قيمتها أكثر من 25 مليار دولار أمريكي، حسبما ذكرت منظمة “صوت فيتنام” يوم الجمعة.
إدارة الخلافات
روجت بعض وسائل الإعلام الغربية عن ابتعاد فيتنام عن الصين، بسبب تطور علاقات هانوي مع واشنطن وطوكيو إلى “شراكة استراتيجية شاملة”، لكن المراقبون يرون أن هذه مبالغة في الخلافات بين الصين وفيتنام، ووصفوا ترويج وسائل الإعلام الغربية بكونه “خدعة” تهدف إلى استهداف الصين.
ولفت المراقبون النظر إلى أن فيتنام في حاجة واقعية للحفاظ على دبلوماسية متنوعة ومستقلة، والتعامل بشكل صحيح مع العلاقات مع القوى الكبرى والدول المجاورة، خاصة على خلفية التعقيد وعدم اليقين في الجغرافيا السياسية والعولمة.
وقال قه إن نقطة الخطر الحقيقية بين الصين وفيتنام تكمن في النزاعات حول بحر الصين الجنوبي، التي تُلقي بظلالها أيضًا على الأمن والاستقرار الإقليميين، مستشهدًا بتوسع فيتنام المتسارع في البناء وعزمها على تعقيد قضية بحر الصين الجنوبي من خلال جعل انها واحدة دولية.
لكن المحللين اتفقوا على أنه حتى الآن، نجح البلدان في الحد من حجم النزاعات، ومنعها من التأثير على الصورة الكبيرة للعلاقات الثنائية.