أصدرت الصين وجامعة الدول العربية بيانًا مشتركًا بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يوم الأحد، حثّت فيه على وقف فوري وشامل لإطلاق النار، وشددت على حل الدولتين باعتباره “أساسًا” لأي تسوية مستقبلية فيما يتعلق بمصير الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية.
وبينما تبذل الصين قُصارى جهدها للدعوة إلى وقف إطلاق النار في الصراع في غزة، واستعادة السلام وحماية سلامة المدنيين، تحاول الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تحويل انتباه الرأي العام من الصراع إلى التوترات الأخرى؛ بما في ذلك تلك الموجودة في البحر الأحمر، في محاولة لتصوير أنفسهم كمدافعين عن النظام.
وأشار خبراء صينيون إلى أن التوترات المتزايدة في البحر الأحمر متجذرة في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ولا يمكن تخفيف التوترات غير المباشرة إلا بعد حل الصراع.
بيان مشترك
في يوم الأحد، بعد أن التقى وزير الخارجية الصيني، وانج يي، وهو أيضًا عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، في العاصمة المصرية القاهرة، أصدر الجانبان بيانًا مشتركًا.
وأشار البيان إلى أن الصين والجانب العربي يدعمان عقد حوار شامل بمشاركة كافة الفصائل الفلسطينية الملتزمة بتحقيق المصالحة الفلسطينية، داعين إلى عقد مؤتمر دولي للسلام بمشاركة واسعة في أسرع وقت ممكن لتعزيز تنفيذ حل الدولتين، واستئناف محادثات السلام بين فلسطين وإسرائيل على هذا الأساس.
كما أعرب الجانبان في البيان عن قلقهما العميق إزاء التصعيد الأخير للوضع في البحر الأحمر، وشددا على ضرورة احترام سيادة اليمن ووحدة أراضيه مع ضمان سلامة الطرق التجارية الدولية في البحر الأحمر، التي تمثل أولوية للسلم والأمن الدوليين.
مع دخول الجولة الحالية من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يومها المائة في 14 يناير/كانون الثاني بالتوقيت المحلي، في غزة، يستمر القتال العنيف، وفي الوقت نفسه، يتسارع التأثير السلبي للانتشار بعد أن شنت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ضربة جديدة على مدينة الحديدة الساحلية اليمنية على البحر الأحمر مساء الأحد، وفقًا لقناة المَسِيرة التي يديرها الحوثيون.
وأشارت وكالة أنباء شينخوا إلى أن الولايات المتحدة وبريطانيا ذكرتا أن الضربات جاءت في محاولة لردع جماعة الحوثي اليمنية عن شن مزيد من الهجمات على الشحن الدولي في البحر الأحمر، وهو ممر مائي حيوي للتجارة العالمية.
وقال الحوثيون إن عملياتهم تهدف إلى منع ما أسموها “السفن المرتبطة بإسرائيل” من المرور عبر البحر الأحمر حتى تنهي إسرائيل هجومها وحصارها على قطاع غزة.
أمريكا تتجنب فتح جبهة ثالثة
وأشار لي وي جيان، وهو زميل باحث في معهد دراسات السياسة الخارجية التابع لمعاهد شنجهاي للدراسات الدولية، إلى أن الولايات المتحدة وحليفتها تحاولان على ما يبدو تحويل التركيز عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الأصلي.
وقال لي لصحيفة جلوبال تايمز، يوم الاثنين، إن الولايات المتحدة، بسبب دعمها غير المشروط لإسرائيل وعدم رغبتها في إقناعها بشكل فعال بوقف إطلاق النار، تواجه ضغوطًا وانتقادات دولية كبيرة، مما يجعل وضعها الحالي محرجًا للغاية.
وفي رأي لي أن الولايات المتحدة تأمل في تحويل انتباه الرأي العام من خلال التركيز على الحوثيين وإظهار إحساسها “بالعدالة” في “حماية نظام” الشحن الدولي في البحر الأحمر، وأشار الخبير أن ذلك لن يُجدي نفعًا “إذا لم يتم وقف إطلاق النار في غزة”.
وقال تشو يونجبياو، المدير التنفيذي لمركز أبحاث الحزام والطريق في لانتشو، إنه إذا انتشرت التوترات في البحر الأحمر، فسوف يؤثر ذلك على الأنشطة التجارية على طول البحر الأحمر والخليج العربي، مما يؤدي إلى زيادة الوقت وتكاليف الشحن وحتى التأثير على أسعار النفط. وقالت الجامعة لصحيفة جلوبال تايمز يوم الاثنين.
وقال لي إن التأثير الإجمالي قد بدأ للتو، وما إذا كان لتوترات البحر الأحمر تأثير أكبر على الاقتصاد العالمي المستقبلي بسبب المواجهة بين الحوثيين والولايات المتحدة، لكنه يعتقد أن إدارة بايدن ستركز أكثر على الانتخابات الأمريكية عام 2024 وتتجنب فتح جبهة ثالثة.
وقال ماو نينج، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، إنه منذ اندلاع الحرب الأخيرة في غزة، وقفت الصين منذ فترة طويلة إلى جانب الإنصاف والعدالة، وبذلت قصارى جهدها لتحقيق وقف إطلاق النار واستعادة السلام وحماية المدنيين.
واستشهدت بتصريحات وانج يي في مصر التي أكدت فيها أن وقف إطلاق النار هو الأولوية السائدة، والمساعدات الإنسانية هي المسؤولية الأخلاقية الحتمية.
وتابع المتحدث قائلًا إن الترتيب المستقبلي لقطاع غزة يجب أن يحترم بالكامل تطلعات الفلسطينيين، وأضاف أن حل الدولتين هو الطريق الأكيد للتسوية العادلة للقضية الفلسطينية، مُشيرًا إلى أن الصين ستواصل اتخاذ موقف محايد، ولعب دورها كدولة مسؤولة، والعمل بلا هوادة مع المجتمع الدولي من أجل التوصل إلى تسوية شاملة وعادلة ومستدامة للقضية الفلسطينية في وقت مبكر.
تشويه سمعة الصين
ومع ذلك، تحاول بعض وسائل الإعلام الغربية مثل بلومبرج تشويه دور الصين في الصراع.
بدءًا من الادعاء بأنه “بينما تشن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة غارات جوية لمنع المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران من مهاجمة السفن في البحر الأحمر، تجد الصين نفسها مرة أخرى جالسة بسعادة على الهامش”، تحاول بلومبرج تشويه سمعة جهود الصين خلال الصراع وتصويرها باعتبارها “دولة لا تتحدث إلا بالكلام”.
ومع ذلك، يتضح أن الحيل القديمة المستخدمة لتشويه سمعة الصين لا يمكن الدفاع عنها، حيث أشار الخبراء الصينيون إلى أن الأمم المتحدة لم تأذن للولايات المتحدة أو حليفتها بتوجيه ضربات جوية ضد الحوثيين.
والولايات المتحدة، التي تُشعل الصراع أكثر، تريد أيضًا أن تلعب دور المنقذ، وفي الوقت نفسه تتهم الدول الأخرى بالمراقبة من بعيد، لكن تشو قال إن الولايات المتحدة هي في الواقع مسؤولة عن الصراع.
وقال لي: “لدينا مسؤولية مشتركة لضمان أمن البحر الأحمر، ولن تخدعنا الولايات المتحدة لتأجيج مثل هذه التوترات”.
وذكر أنه نظرًا لأن العديد من المشاكل متجذرة في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فينبغي العودة إلى حل المشكلة الأساسية على الطريق، مُشيرًا إلى أنه طالما أن الصراع يتمتع بوقف شامل لإطلاق النار، فمن الطبيعي أن تهدأ توترات البحر الأحمر.
في الصورة الملتقطة يوم 13 يناير 2024، دخان يتصاعد عقب غارة جوية إسرائيلية على مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة. ووفقا للإحصاءات الصادرة عن وزارة الصحة بغزة يوم السبت، أدت الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة إلى مقتل 135 شخصا وإصابة 312 آخرين خلال الـ 24 ساعة الماضية. (تصوير ياسر قديح/ شينخوا)