🇨🇽 آسيــا و الهادي روسيا

تحالف الناتو يستعرض قوته: إطلاق أكبر مناورة عسكرية منذ الحرب الباردة

يحشد حلف شمال الأطلسي (الناتو) نحو 90 ألف جندي لإجراء أكبر تدريب له منذ الحرب الباردة هذا الأسبوع، ومن المقرر أن يستمر حتى مايو، مما دفع روسيا إلى القول إن حجم التدريبات يمثل “عودة لا رجعة فيها” للحلف إلى مخططات الحرب الباردة، بحسب تقارير إعلامية. 

ويرى بعض الخبراء الصينيين أن إجراء تدريب بهذا الحجم يهدف في المقام الأول إلى تعزيز الروح المعنوية العسكرية للصين عندما يصادف الصراع الروسي الأوكراني الذكرى السنوية الثانية قريبًا، وتحقق القوات الأوكرانية إنجازات باهتة في ساحة المعركة. 

ومن المقرر أن ينضم حوالي 90 ألف جندي إلى تدريبات “ستد فاست دفندر 2024″، التي ستستمر حتى مايو، وتشارك فيها أكثر من 50 سفينة من حاملات الطائرات إلى المدمرات، بالإضافة إلى أكثر من 80 طائرة مقاتلة ومروحية وطائرة بدون طيار وما لا يقل عن 1100 مقاتلة، وذكرت رويترز نقلًا عن حلف شمال الأطلسي أن المركبات تشمل 133 دبابة و533 مركبة مشاة قتالية. 

تعزيز المعنويات

صرح نائب وزير الخارجية الروسي، ألكسندر جروشكو، لوكالة سبوتنيك يوم الأحد بأن المناورات العسكرية المقبلة لحلف شمال الأطلسي تزيد من خطر المواجهة العسكرية غير المقصودة وتقوض الأمن في أوروبا.

وعلّق سونج تشونج بينج، الخبير العسكري الصيني والمعلق التلفزيوني، بقوله إن الناتو يجري مثل هذه التدريبات العسكرية واسعة النطاق في المقام الأول لتعزيز معنوياته العسكرية، خاصة في ظل عدم الاستقرار الحالي داخل صفوف الناتو والتناقضات البارزة بين الدول الأعضاء. 

وقال سونج “نظرًا للإنجازات الباهتة للقوات الأوكرانية في ساحة المعركة، فإن الناتو مضطر إلى النظر في تعزيز قدراته العسكرية، وبالتالي، يجد الناتو أنه من الضروري اتخاذ إجراءات دفاعية”. 

ومع اقتراب الصراع بين روسيا وأوكرانيا من عامه الثاني، كانت دول حلف شمال الأطلسي تنشر الذعر ضد روسيا. 

ذكرت صحيفة تلجراف أن الأدميرال روب باور، المسؤول الكبير في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، شدد على ضرورة استعداد المدنيين لحرب شاملة مع روسيا في السنوات العشرين المقبلة. 

كما ذكرت صحيفة بوليتيكو يوم الجمعة أن وزير الدفاع الألماني، بوريس بيستوريوس، حذر أيضًا من أن روسيا قد تهاجم حلف شمال الأطلسي العسكري في أقل من عقد من الزمان، وفي الوقت نفسه، يمكن نشر القوات الألمانية في بولندا لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية لتعزيز الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي ضد أي تهديد تشكله روسيا، وفقًا لمجلة نيوزويك. 

وقال تسوي هنج، زميل باحث مساعد من مركز الدراسات الروسية بجامعة شرق الصين العادية، إن تلك الدول تعمل على تضخيم التهديد الروسي لأغراضها الخاصة، مُضيفًا “بالنسبة لدول مثل هولندا والنرويج، في حين أن الصراع بين روسيا وأوكرانيا أدى إلى ضغوط تضخمية عالية، فإنها تجني أيضًا فوائد كبيرة، مثل صادرات الطاقة”. 

وأشار الخبير إلى أنه في أعقاب مؤشرات الولايات المتحدة على أنها قد تقلل المساعدات العسكرية لأوكرانيا، تقدمت هذه الدول لتقديم المساعدة، وبالتالي إطالة أمد الحرب، وأوضح بقوله “في عملية إعادة تنشيط الناتو، لعبت هذه الدول دورًا حاسمًا، إذ تتماشى تمامًا مع موقفها المتمثل في الاستفادة من الصراع وتفضيل إطالة أمده”.

إعادة تنشيط الناتو 

وأشار بعض الخبراء أيضًا إلى أن تراجع الناتو إلى مخطط الحرب الباردة لا يتجلى فقط في هذه التدريبات العسكرية على وجه الخصوص، وقالوا إن التطورات مثل تقدم السويد وفنلندا بطلب الانضمام لعضوية الناتو، وتوسع الحلف شرقًا، وفي آسيا، كلها أمور تدل على إعادة تنشيط الناتو. 

وقال تسوي إن “عمليات الناتو تمتد الآن إلى ما هو أبعد من حدود شمال الأطلسي، وتوسع نطاق وصولها إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وقد انضمت دول مثل كوريا الجنوبية واليابان جزئيًا إلى برامج شراكة الناتو”.

وأضاف أن أنشطة الناتو تصاعدت إلى ما هو أبعد من مستويات الحرب الباردة على نطاق عالمي، مما يشير إلى أن السلام والتنمية في العالم قد يواجهان تحديات كبيرة. 

وقال بعض الخبراء إنه بدلًا من الناتو في حد ذاته، يجب القول إن الولايات المتحدة هي التي تثير المخاوف بشكل دائم من التهديد الروسي، ولفت شونج النظر إلى أنه “من خلال تضخيم التهديد الروسي، تثير الولايات المتحدة حالة من الذعر غير المسبوق بين الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي حتى تتمكن من إرغام حلفاء الناتو على الاستجابة للتوجيهات الأمريكية، وتصعيد إنفاقهم العسكري، وحثهم على شراء المزيد من الأسلحة الأمريكية الصنع”. 

ومن خلال توريط الدول الأوروبية، بما في ذلك الدول الأعضاء في منظمة حلف شمال الأطلسي، في حالة من الضائقة الاقتصادية والانحدار الوطني، تناور الولايات المتحدة من أجل مواءمة هذه البلدان مع مصالحها، وقال الخبير إنه فقط عندما تكون هذه الدول أكثر توافقًا مع الولايات المتحدة، يمكن قيادتها وتوجيهها بشكل فعال، بما يخدم المصالح الاستراتيجية لأمريكا.